للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعنه أيضا؛ قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «خمس بخمس، ما نقض قوم العهد؛ إلا سلّط الله عليهم عدوّهم. ولا حكموا بغير ما أنزل الله؛ إلاّ فشا فيهم الفقر. وما ظهرت الفاحشة فيهم؛ إلاّ ظهر فيهم الطّاعون. وما طفّفوا الكيل؛ إلا منعوا النبات، وأخذوا بالسّنين. ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم المطر». أخرجه أبو بكر البزار.

وعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-قال: أقبل علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «يا معشر المهاجرين! خمس خصال إذا ابتليتم بهنّ-وأعوذ بالله أن تدركوهنّ-لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ؛ حتّى يعلنوا بها؛ إلاّ فشا فيهم الطاعون، والأوجاع؛ التي لم تكن مضت في أسلافهم الّذين مضوا. ولم ينقصوا المكيال، والميزان؛ إلا أخذوا بالسّنين، وشدة المؤونة، وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم؛ إلا منعوا القطر من السّماء، ولولا البهائم؛ لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله، وعهد رسوله؛ إلاّ سلّط الله عليهم عدوّا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم. وما لم تحكم أئمّتهم بكتاب الله، ويتخيّروا فيما أنزل الله؛ إلا جعل الله بأسهم بينهم».

رواه ابن ماجه، والبيهقي، والبزار.

هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (الإسراء) رقم [٣٥]: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ،} وقال جل ذكره في سورة (الرحمن) رقم [٩]: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ} بعد هذا انظر شرح {وَيْلٌ} في الآية رقم [١٥] من سورة (المرسلات).

أما (المطففين) فهو جمع: مطفف مأخوذ من التطفيف، وهو القليل، والمطفف هو المقل حق صاحبه بنقصانه حقه في كيل، أو وزن. وقال الزجاج: إنما قيل للفاعل من هذا: مطفف؛ لأنه لا يكاد يسرق من المكيال، والميزان إلا الشيء الطفيف الخفيف. هذا؛ وقال بعض العلماء:

التطفيف في الكيل والوزن والوضوء والصلاة، وفي الموطأ: قال الإمام مالك-رحمه الله تعالى-:

ويقال: لكل شيء وفاء، وتطفيف. وروي عن سالم بن أبي الجعد؛ قال: الصلاة بمكيال، فمن أوفى؛ أوفى الله له، ومن طفف؛ فقد علمتم ما قال الله عز وجل في ذلك: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}.

{الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النّاسِ يَسْتَوْفُونَ} أي: إذا اكتالوا من الناس؛ استوفوا؛ لأنفسهم الكيل، والوزن، فيأخذون حقهم بالوافي، والزائد، فوقعت {عَلَى} موقع: «من» على التقارض بين الحرفين. والتقارض باب من أبواب النحو. انظره في كتابنا: «فتح القريب المجيب».

{وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ} أي: كالوا لهم بالمكيال، أو وزنوا لهم بالميزان، فحذف حرف الجر من الكلمتين، مثل: نصحتك، ونصحت لك، وشكرتك، وشكرت لك. وانظر ما ذكرته في الآية رقم [٢٣] من سورة (عبس) وهو من كلام أهل الحجاز، ومن جاورهم من قيس. قال الزجاج: لا يجوز الوقف على (كالوا) و (وزنوا) حتى تصل به (هم). قال: ومن الناس من يجعلها توكيدا، ويجيز الوقف على (كالوا) و (وزنوا). والأول الاختيار؛ لأنها حرف واحد. وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>