للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به من مالك بن ذعر، فقيل: بعشرين دينارا، وزاده حلة، ونعلين، وقيل: تزايدوا في ثمنه، فبلغ أضعاف وزنه مسكا، وعنبرا، وحريرا، وورقا وذهبا، ولآلئ، وجواهر لا يعلم قيمتها إلا الله، فابتاعه قطفير من مالك بهذا الثمن. {لاِمْرَأَتِهِ}: اسمها راعيل، أو زليخا، وهو المشهور.

{أَكْرِمِي مَثْواهُ}: اجعلي مقامه عندنا كريما حسنا، فأكرميه في المطعم، والمشرب والملبس، والمثوى في الأصل: المنزل الذي يكون فيه الإقامة، والفرق بينه وبين المأوى، فهو مكان الإقامة المنبئة عن المكث، وأما المأوى، فهو المكان الذي يأوي إليه الإنسان ولو مؤقتا.

{عَسى أَنْ يَنْفَعَنا} أي: إن أردنا بيعه بعناه بربح، أو يكفينا بعض أمورنا، ويقضي حوائجنا؛ إذا قوي وبلغ. {أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً} أي: نتبناه، وكان عقيما لا ولد له.

{وَكَذلِكَ مَكَّنّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ} أي: كما مننا على يوسف بإنقاذه من القتل، وإخراجه من الجب مكناه في أرض مصر فجعلناه على خزائنها، وصاحب الأمر والنهي فيها. وانظر الآية رقم [٥٦] الآتية. {وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ} أي: تعبير الرؤيا وتفسيرها المنبهة على أمور تقع في المستقبل ليستعد لها، ويشتغل بتدبيرها قبل أن تحل كما فعل برؤيا الملك الآتية، وقيل: المراد إقامة العدل إذا حكم، وتدبير أمور الناس، وفهم معاني كتاب الله وأحكامه، وانظر ما ذكرته في الأحاديث في الآية رقم [٦]. {وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ} قيل: الضمير يرجع إليه تعالى، ويكون المعنى: الله غالب على أمره يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد لا راد لقضائه، ولا يغلبه شيء، وقيل:

الضمير راجع إلى يوسف، ومعناه أنه تعالى مستول على أمر يوسف بالتدبير والإحاطة، لا يكله إلى أحد سواه، حتى يبلغ منتهى ما قدره له، من علو الشأن، ورفيع المنزلة {وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ} أي: لا يطلعون على الغيب. أو المراد: لا يعلمون حكمة الله في أحكامه، وتصريفه الأمور على حسب مشيئته وتقديره، وذكر الأكثر؛ لأن البعض لا يعرف الحق لنقصان عقله، أو التقصير في النظر، وقيل: المراد بالأكثر: الجميع؛ لأن أحدا لا يعلم الغيب.

هذا؛ وانظر (نا) في الآية رقم [٨] من سورة (هود)، وانظر القول في الآية رقم [١٨] من سورة (هود)، وفي الآية الكريمة التفات من التكلم إلى الغيبة، انظر الالتفات في الآية رقم [٥٠] من سورة (يونس).

فائدة: قال عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-أحسن الناس فراسة ثلاثة: العزيز حين تفرس في يوسف، فقال: {عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً} وبنت شعيب حين قالت لأبيها في موسى: {اِسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} وأبو بكر حين استخلف عمر-رضي الله عنهما-هذا؛ وأقول: إن فراسة خديجة رضي الله عنها بالنبي صلّى الله عليه وسلّم أعظم فراسة.

الإعراب: {وَقالَ الَّذِي} ماض وفاعله. {اِشْتَراهُ}: ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والهاء مفعول به، والفاعل يعود إلى {الَّذِي،} وهو العائد والجملة الفعلية صلة الموصول

<<  <  ج: ص:  >  >>