التي أنزلت على الأنبياء. ومعنى:{أُوتُوا:} أعطوا، وأصله: أوتيوا، فاستثقلت الضمة على الياء فحذفت، فالتقى ساكنان: الياء، والواو، فحذفت الياء، فصار:({أُوتُوا}) ثمّ قلبت الكسرة ضمة لمناسبة الواو، فصار:{أُوتُوا}.
{أَنِ اتَّقُوا اللهَ:} وحّدوه، وامتثلوا أوامره، ونواهيه. والمعنى: أنّ الأمر بتقوى الله شريعة قديمة، أوصى الله بها جميع الأمم السّالفة في كتبهم. هذا؛ والتقوى: حفظ النفس من العذاب الأخروي بامتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه؛ لأنّ أصل المادة من الوقاية، وهي الحفظ، والتحرّز من المهالك دنيا، وأخرى.
{وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ..}. إلخ؛ أي: فإنّ الله مالك الملك كلّه، لا يتضرّر بكفركم ومعاصيكم، كما لا ينتفع بشكركم، وطاعتكم، وتقواكم، وإنّما أوصاكم بذلك رحمة بكم. لا لحاجته لذلك، وهذا كما في الحديث القدسي، الّذي رواه مسلم عن أبي ذرّ-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، فيما يروي عن ربه عز وجل: أنّه قال: «يا عبادي! لو أنّ أوّلكم، وآخركم، وإنسكم، وجنّكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم؛ ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي! لو أنّ أوّلكم، وآخركم، وإنسكم، وجنّكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم؛ ما نقص ذلك من ملكي شيئا».
{وَكانَ اللهُ غَنِيًّا:} عن الخلق، وعن عبادتهم. {حَمِيداً:} محمودا على كلّ حال من الخير، والشر، والتعذيب، والإثابة، وهو سبحانه مستحقّ للحمد في ذاته، محمود تحمده الملائكة، وتنطق ذرات المخلوقات بحمده.
هذا؛ والفعل:(وصّى) حكمه حكم الأمر في معناه، وتصرّفه، يقال: وصيت زيدا بأن يفعل كذا، كما تقول: أمرته بأن يفعل كذا، ومنه قول الشاعر:[الوافر]
وذبيانيّة وصّت بنيها... بأن كذب القراطق والقروف
يصف امرأة وصّت بنيها بحفظ القراطق، جمع القرطق، وهي القطعة المخملية، والقروف:
أوعية من أدم. ومنه قوله تعالى في سورة (البقرة): {وَوَصّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} بكلمة التوحيد، وأمرهم بها.
الإعراب:{وَلِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ:} انظر الآية رقم [١٢٦] ففيها الكفاية، والكلام مستأنف لا محل له. {وَلَقَدْ:} الواو: حرف قسم وجر، والمقسم به محذوف، التقدير: والله، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم. واللام: واقعة في جواب القسم. {وَصَّيْنَا:} فعل وفاعل. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب مفعول به. {أُوتُوا:} فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم، والواو نائب فاعله، وهو