للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ} أي: لهم مع هذا الذكر الجميل في الدنيا حسن المرجع، والمنقلب في الآخرة. {جَنّاتِ عَدْنٍ:} جنات إقامة وخلود، يقال: عدن بالمكان أقام فيه، ومنه:

المعدن الموجود في باطن الأرض، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «عدن دار الله؛ التي لم ترها عين قطّ، ولم تخطر على قلب بشر، لا يسكنها إلا ثلاثة: النبيون، والصديقون، والشهداء، يقول الله تعالى:

طوبى لمن دخلك!». رواه الطبراني عن أبي الدرداء-رضي الله عنه-.

وقال عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-: إن في الجنة قصرا، يقال له: عدن، حوله البروج، والمروج، فيه خمسة آلاف باب، على كل باب خمسة آلاف حبرة، لا يدخله إلا نبيّ، أو صدّيق، أو شهيد. والحبرة بكسر الحاء وفتحها: ضرب من البرود اليمنية مخطط. وروي: أن عمر الفاروق-رضي الله عنه-قال لكعب الأحبار: ما جنات عدن؟ قال: قصور من ذهب في الجنة يدخلها النبيون، والصديقون، والشهداء، وأئمة العدل.

{مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ} أي: مفتوحة لهم أبوابها، وإنما قال: {مُفَتَّحَةً} ولم يقل: مفتوحة؛ لأنها تفتح لهم بالأمر، لا بالمس. قال الحسن البصري: تكلّم: انفتحي، فتنفتح، انغلقي، فتنغلق. وقال الرازي: إن الملائكة الموكلين بالجنان إذا رأوا المؤمنين؛ فتحوا لهم أبوابها، وحيّوهم بالسلام، فيدخلونها كذلك، محفوفين بالملائكة على أعز حال، وأحسن هيئة. انتهى.

صفوة التفاسير، وقد تقدم هذا المعنى في الآية رقم [٢٤] من سورة (الرعد)، ورقم [٤٤] من سورة (الأحزاب)، وانظر سورة (الزمر) رقم [٧٣].

{مُتَّكِئِينَ فِيها} أي: متكئين في الجنة على الأرائك، وهي السرر الوثيرة، والوطاآت الناعمة. هذا؛ والاتكاء على السرر من صفات المنعمين المترفين. {يَدْعُونَ فِيها:} في الجنة.

{بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ} أي: وهم متكئون على الأسرة يطلبون أنواع الفواكه، وألوان الشراب، كعادة الملوك في الدنيا. قال ابن كثير: أي: مهما طلبوا؛ وجدوا، ومن أي أنواعه شاؤوا؛ أتتهم به الخدام. قال الصابوني: والاقتصار على طلب الفاكهة للإيذان بأن مطاعمهم لمحض التفكه، والتلذذ دون التغذي؛ لأنه لا جوع في الجنة. انتهى. صفوة التفاسير. هذا؛ وما في هذه الآيات مقابلة لما في الآيات الآتية.

الإعراب: {هذا:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والهاء حرف تنبيه لا محل له. {ذِكْرٌ:} خبره، والجملة الاسمية معترضة، جيء بها للفصل بين ما قبلها وما بعدها، فيؤتى بها للانتقال من غرض إلى آخر. {وَإِنَّ:} الواو: واو الحال. {لِلْمُتَّقِينَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر (إنّ) تقدم على اسمها للحصر. {لَحُسْنَ:} اللام: لام الابتداء. (حسن):

اسم (إنّ) مؤخر، و (حسن) مضاف، و {مَآبٍ} مضاف إليه، من إضافة الصفة المشبهة لفاعلها، والجملة الاسمية: {وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ..}. إلخ في محل نصب حال من {إِبْراهِيمَ} وما عطف عليه، والرابط: الواو، ولفظ المتقين المعبر به عنهم، أو هي مستأنفة، لا محل لها. {جَنّاتِ:} بدل من:

<<  <  ج: ص:  >  >>