للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دعتني أخاها بعد ما كان بيننا... من الفعل ما لا يفعل الأخوان

وقد حذف المفعول الأول، لقوله: {اُدْعُوا} ونصب الثاني: بعد حذف الجار؛ إذ التقدير:

{قُلِ:} ادعوا معبودكم بالله، أو ادعوه بالرحمن، بمعنى: سمّوه. {فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} أي:

فلله الأسماء الحسنى، وإذا حسنت أسماؤه كلها؛ فهذان الاسمان منها، ومعنى كونها أحسن الأسماء أنها مشتملة على معاني التقديس، والتعظيم، والتمجيد، وعلى صفات الجلال، والكمال، والحسنى مؤنث الأحسن الذي هو أفعل تفضيل، لا مؤنث أحسن المقابل ل‍: امرأة حسناء. والحسنى بالضم ضد السوأى، وقد وصف الجمع الذي لا يعقل بما توصف به الواحدة، كقوله: {وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى} وهو فصيح، ولو جاء على المطابقة للجمع لكان التركيب «الحسن» على وزن الأخر، كقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ} لأن جمع ما لا يعقل يخبر عنه، ويوصف بوصف المؤنثات وإن كان المفرد مذكرا. انتهى. جمل من هنا، وهناك.

{وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها:} عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: نزلت والرسول صلّى الله عليه وسلّم مختف بمكة، وكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فإذا سمعه المشركون سبوا القرآن، ومن أنزله، ومن جاء به. انتهى. متفق عليه. وقالت عائشة-رضي الله عنها-:

نزلت في الدعاء، وهو قول النخعي، ومجاهد، ومكحول. وقال ابن سيرين: كان الأعراب يجهرون بالتشهد، فنزلت. وعنه أيضا: أن أبا بكر كان يسر بقراءته في صلاة الليل، وكان عمر يجهر بها-رضي الله عنهما-وأرضاهما، فسألهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن ذلك، فقال أبو بكر -رضي الله عنه-إنما أناجي ربي، وهو يعلم حاجتي إليه. وفي رواية عنه: لقد أسمعت من ناجيت. وقال عمر-رضي الله عنه-: أنا أطرد الشيطان، وأوقظ الوسنان، فلما نزلت هذه الآية قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم لأبي بكر: ارفع قليلا. وقال لعمر: اخفض قليلا. ذكره الطبري، وغيره، وهذا يعني: أن الآية مدنية، والمعتمد أنها مكية، فيكون ما ذكر من أمر الرسول صلّى الله عليه وسلّم لعمر بالتوسط بين الجهر والإسرار استدلالا بهذه الآية لا سببا لنزولها. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه. والجهر:

رفع الصوت، والمخافتة: خفضه. {وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً} أي: اطلب، أو اقصد طريقا وسطا بين الجهر، والإسرار. وانظر شرح (بين) في الآية رقم [٤٥] وشرح {سَبِيلاً} في الآية رقم [٤٢].

تنبيه: عبر سبحانه وتعالى بالصلاة هنا عن القراءة، كما عبر بالقراءة عن الصلاة في الآية رقم [٧٨] لأن كل واحد منهما مرتبط بالآخر؛ لأن الصلاة تشتمل على قراءة، وركوع، وسجود، فهي من جملة أجزائها، فعبر بالجزء عن الجملة، وبالجملة عن الجزء على عادة العرب في المجاز، وهو كثير. انتهى. قرطبي.

أما بعد؛ فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن لله عز وجل تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، إنه وتر، يحب الوتر، من أحصاها دخل الجنة، وهي: هو الله الذي لا إله

<<  <  ج: ص:  >  >>