للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفاعله مستتر فيه تقديره: «أنت». {لِحُكْمِ:} متعلقان بما قبلهما، و (حكم) مضاف، و {رَبِّكَ} مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب لشرط غير جازم.

{وَلا:} الواو: حرف عطف. (لا): ناهية. {تُطِعْ:} فعل مضارع مجزوم ب‍: (لا) الناهية، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {مِنْهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، أو هما متعلقان بما بعدهما. {آثِماً:} مفعول به. {أَوْ:} حرف عطف. {كَفُوراً:} معطوف على ما قبله، وجملة {وَلا..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها.

تنبيه: قيل: {أَوْ} في قوله تعالى: {آثِماً أَوْ كَفُوراً} أوكد من الواو؛ لأن الواو؛ إذا قلت:

«لا تطع زيدا، وعمرا» فأطاع أحدهما كان غير عاص؛ لأنه أمره ألا يطيع الاثنين، فإذا قال: «لا تطع زيدا، أو عمرا»؛ ف‍: «أو» قد دلت على أن كل واحد منهما أهل أن يعصى، كما أنك إذا قلت: «لا تخالف الحسن، أو ابن سيرين»، أو «اتبع الحسن، أو ابن سيرين» فقد قلت: هذان أهل أن يتبعا، وكل واحد منهما أهل لأن يتبع. قاله الزجاج. وقال الفراء: {أَوْ} هنا بمنزلة «لا» كأنه قال: ولا كفورا، وأنشد قول مالك بن عمرو القضاعي: [المنسرح]

لا وجد ثكلى كما وجدت ولا... وجد عجول أضلّها ربع

أو وجد شيخ أضلّ ناقته... يوم توافى الحجيج فاندفعوا

العجول من النساء، والإبل: الواله التي فقدت ولدها، سميت بذلك؛ لعجلتها في جيئتها، وذهابها جزعا، وهي هنا الناقة، والرّبع، كمضر: الفصيل ينتج في الربيع، والشيخ من تجاوز الأربعين، أو الخمسين من عمره، والوجد في البيتين: الحزن، واللهفة، ولا في أول البيتين تصلح؛ لأن تكون نافية للوحدة، ولأن تكون نافية للجنس، لذا يجوز رفع (وجد) ونصبه. انتهى قرطبي ما عدا الشرح بعد البيتين.

هذا؛ وقال ابن هشام في المغني: ومن الغريب: أن جماعة منهم ابن مالك ذكروا مجيء أو بمعنى الواو، ثم ذكروا: أنها تجيء بمعنى (ولا) بعد النهي، كقوله تعالى: {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً} وبعد النفي، كقوله تعالى في سورة (النور) رقم [١٦]: {وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ} وهذه هي تلك بعينها، وإنما جاءت (لا) توكيدا للنفي السابق، ومانعة من توهم تعليق النفي بالمجموع، لا بكل واحد، وذلك مستفاد من دليل خارج عن اللفظ، وهو الإجماع، ونظيره قولك: (لا يحل لك الزنا، والسرقة) ولو تركت (لا) في التقدير لم يضر ذلك. انتهى. مغني. ومثله في الجني الداني، وزاد على المغني حيث أورد البيتين السابقين؛ اللذين نقلتهما من القرطبي، وخرجهما الدكتور فخر الدين قباوة في تعليقه على الجني الداني للحسن بن قاسم المرادي للشاعر المذكور.

<<  <  ج: ص:  >  >>