ذلك، فقد سبح الحصى، وسلّم الحجر على النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولو فتح باب المجاز فيه لاتسع الخرق بخلاف الايات الواردة في الصفات، وهذا هو الحق الذي لا محيد عنه. انتهى. جمل نقلا من كرخي.
{وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} أي: ما بقي فيّ موضع للزيادة، كقوله صلّى الله عليه وسلّم:«هل ترك لنا عقيل من ربع، أو منزل؟» أي: ما ترك. فمعنى الكلام الجحد، ويحتمل أن يكون الكلام استفهاما بمعنى الاستزادة؛ أي: هل من مزيد، فأزداد؟ وقيل: ليس ثمّ قول، وإنما هو على طريق المثل؛ أي:
إنها فيما يظهر من حالها بمنزلة الناطقة بذلك، كما قال الشاعر:[الرجز] امتلأ الحوض وقال قطني... مهلا رويدا قد ملأت بطني
وهذا تفسير مجاهد وغيره. وقيل: ينطق الله النار حتى تقول هذا كما تنطق الجوارح. وهذا هو الأصح فعن أنس بن مالك-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«لا تزال جهنم يلقى فيها.
وتقول: هل من مزيد حتّى يضع ربّ العزة فيها قدمه؟ فينزوي بعضها على بعض، وتقول: قط، قط، بعزتك، وكرمك! ولا يزال في الجنة فضل؛ حتى ينشئ الله لها خلقا، فيسكنهم فضل الجنّة». متفق عليه، وفي رواية أخرى من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-: «وأمّا النار فلا تمتلئ حتّى يضع الله عليها رجله، يقول لها: قط، قط! فهنالك تمتلئ، وينزوي بعضها إلى بعض، فلا يظلم الله من خلقه أحدا، وأمّا الجنة فإنّ الله ينشئ لها خلقا». قال علماؤنا-رحمهم الله تعالى-: أما معنى القدم هنا، فهم قوم يقدّمهم الله إلى النار، وقد سبق في علمه: أنهم من أهل النار، وكذلك الرّجل، وهو العدد الكثير من الناس، وغيرهم، يقال: رأيت رجلا من الناس، ورجلا من جراد، قال الشاعر:[الطويل] فمرّ بنا رجل من الناس وانزوى... إليهم من الحيّ اليمانين أرجل
قبائل من لخم وعكل وحمير... على ابني نزار بالعداوة أحفل
«ينزوي بعضها إلى بعض» أي: تنقبض على من فيها، وتشتغل بعذابهم، وتكف عن سؤال:
هل من مزيد؟ انتهى. قرطبي بتصرف.
الإعراب:{يَوْمَ:} ظرف زمان متعلق ب: (ظلاّم)، أو متعلق بمحذوف، تقديره: اذكر.
{تَقُولُ:} مضارع، والفاعل مستتر، تقديره:«نحن». {لِجَهَنَّمَ:} متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {يَوْمَ} إليها. {هَلِ:} حرف استفهام. {اِمْتَلَأْتِ:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول. {وَتَقُولُ:} الواو: حرف عطف. (تقول): مضارع، والفاعل يعود إلى (جهنم). {هَلِ:} حرف استفهام. {مِنْ:} حرف جر صلة. {مَزِيدٍ:} مبتدأ، وخبره مرفوع، تقديره: هل من مزيد فيّ، أو هو فاعل لفعل محذوف، التقدير: أو هل بقي