للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالفاعل يعود إلى العدو، أو ل‍: (الله)، وقرئ: «(ليسوءنّ)» باللام المفتوحة، ونون التوكيد مثقلة ومخففة. {وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ} أي: بيت المقدس. {كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ} أي: في المرة الأولى. {وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً} أي: وليهلكوا ما غلبوا عليه من ديار بني إسرائيل إهلاكا.

عن حذيفة-رضي الله عنه-قال: قلت: يا رسول الله! لقد كان بيت المقدس عند الله عظيما، جسيم الخطر، عظيم القدر، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «هو من أجل البيوت، ابتناه الله لسليمان بن داود-عليهما السّلام-من ذهب، وفضة، ودرّ، وياقوت، وزمرد، وذلك أن سليمان بن داود لما بناه؛ سخر الله له الجن، فأتوه بالذهب، والفضة من المعادن، وأتوه بالجواهر، والياقوت والزمرّد، وسخر الله له الجن، حتى بنوه من هذه الأصناف».

قال حذيفة-رضي الله عنه-فقلت: يا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكيف أخذت هذه الأشياء من بيت المقدس؟ فقال: «إن بني إسرائيل لمّا عصوا الله، وقتلوا الأنبياء؛ سلط الله عليهم بختنصر، وهو من المجوس، وكان ملكه سبعمائة سنة، وهو قوله تعالى: {فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما..}. إلخ، فدخلوا بيت المقدس، وقتلوا الرجال، وسبوا النساء، والأطفال، وأخذوا الأموال، وجميع ما كان في بيت المقدس، من هذه الأصناف، فاحتملوها على سبعين ألفا، ومائة ألف عجلة حتى، أودعوها أرض بابل، فأقاموا يستخدمون بني إسرائيل، ويستملكونهم بالخزي، والعقاب والنكال مائة عام.

ثم إن الله عز وجل رحمهم، فأوحى إلى ملك من ملوك فارس أن يسير إلى المجوس في أرض بابل، وأن يستنقذ من في أيديهم من بني إسرائيل، فسار إليهم ذلك الملك حتى دخل أرض بابل، فاستنقذ من بقي من بني إسرائيل من أيدي المجوس، واستنقذ ذلك الحلي الذي كان في بيت المقدس، وردّه الله إليه، كما كان أول مرة. وقال لهم: يا بني إسرائيل! إن عدتم إلى المعاصي، عدنا عليكم بالسبي، والقتل، وهو قوله: {عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا} فلما رجعت بنو إسرائيل إلى بيت المقدس، عادوا إلى المعاصي، فسلط الله عليهم ملك الروم قيصر، وهو قوله: {فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ..}. إلخ فغزاهم في البر، والبحر، فسباهم، وقتلهم، وأخذ أموالهم ونساءهم، وأخذ جميع حلي بيت المقدس، واحتمله على سبعين ألفا، ومائة ألف عجلة حتى، أودعه في كنيسة الذهب، فهو فيها الآن حتى يأخذه المهدي، فيرده إلى بيت المقدس، وهو ألف سفينة، وسبعمائة سفينة يرسى بها على يافا حتى تنقل إلى بيت المقدس، وبها يجمع الله الأولين والآخرين». انتهى. قرطبي بحروفه. والله أعلم بالحقيقة.

الإعراب: {إِنْ:} حرف شرط جازم. {أَحْسَنْتُمْ:} ماض مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، والتاء فاعله، والميم علامة جمع الذكور، والمفعول محذوف، انظر الشرح.

والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي. {أَحْسَنْتُمْ:}

ماض مبني على السكون في محل جزم جواب الشرط، والتاء فاعله، والجملة الفعلية لا محل

<<  <  ج: ص:  >  >>