تنبيه: قال ابن هشام-رحمه الله تعالى-في مغنيه: قد يعبر بالفعل عن إرادته، وأكثر ما يكون بعد أداة الشرط، نحو قوله تعالى:{فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ} رقم [٩٨] من سورة (النحل)، و {إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} رقم [٦] من سورة (المائدة)، {وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ذكرت هذه الآية في كثير من السور، و {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} رقم [٤٢] من سورة (المائدة)، و {وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ} رقم [١٢٦] من سورة (النحل)، {إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ} رقم [٩] من سورة (المجادلة)، و {إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا..}. إلخ رقم [١٢] من سورة (المجادلة)، وفي الحديث الصحيح قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم:«إذا أتى أحدكم الجمعة؛ فليغتسل». فهو يريد-رحمه الله تعالى-أن المعنى: إذا أردت القراءة؛ إذا أردتم القيام إلى الصلاة؛ إذا أراد قضاء أمر، إن أردت الحكم، إن أردتم العقاب؛ فعاقبوا؛ إذا أردتم المناجاة؛ فلا؛ إذا أردتم مناجاة الرسول؛ إذا أردتم الطلاق؛ إذا أراد أحدكم إتيان الجمعة؛ فليغتسل.
الإعراب:{هُوَ الَّذِي:} مبتدأ، وخبر. {يُحْيِي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء، والفاعل يعود إلى:{الَّذِي،} وهو العائد، والمفعول محذوف للتعميم، التقدير: يحيي الأموات، ويميت الأحياء. والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محل لها، والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها. {فَإِذا:} الفاء: حرف عطف، وتفريع. (إذا): انظر الآية رقم [١٢]. {قَضى:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى الموصول. {أَمْراً:} مفعول به، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذا) إليها على القول المرجوح المشهور. {فَإِنَّما:} الفاء: واقعة في جواب (إذا). (إنما): كافة ومكفوفة. {يَقُولُ:}
فعل مضارع، والفاعل يعود إلى:{الَّذِي} أيضا. {لَهُ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما.
{كُنْ:} فعل أمر تام، وفاعله مستتر تقديره:«أنت»، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، والجملة الفعلية (إنما) ... إلخ جواب (إذا) لا محل لها من الإعراب، و (إذا) ومدخولها كلام معطوف على الجمل الاسمية قبله، لا محل له مثلها. {فَيَكُونُ:} الفاء: حرف عطف.
(يكون) تام، وفاعله يعود إلى:{أَمْراً،} والجملة الفعلية في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف، التقدير: فهو يكون، والجملة الاسمية هذه مستأنفة، لا محل لها، وهذا القول يعزى لسيبويه.
وقيل: إنّ (يكون) معطوف على {يَقُولُ} وهو يعزى للزجاج، والطبري. وقيل: هو معطوف على (كن) من حيث المعنى، وهو قول الفارسي. انتهى. جمل من سورة (البقرة). هذا؛ وقرأ ابن عامر بالنصب على أن الفعل منصوب، ب:«أن» مضمرة بعد الفاء السببية. وضعّفه أبو البقاء.
وأقول: لا يمكن سبك مصدر من: «أن» المضمرة، والفعل المضارع، وعطفه على مصدر متصيد من الفعل السابق؛ إذ لا يقال: يقول له: ليكن حدوث فحدوث. تأمل، وتدبر، وربك أعلم.
وهذا التركيب ذكر في سورة (البقرة) رقم [١١٧]، وفي سورة (آل عمران) رقم [٤٧]، وفي سورة (مريم) رقم [٣٥]، وفي سورة (النحل) رقم [٤٠].