وتصدير الكلام به اعتذار عن الاستفسار، والجهل بحقيقة الحال، ولذلك جعل مفتاح التوبة، فقال موسى على نبينا وعليه الصلاة والسّلام. {سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} وقال ذو النون-عليه السّلام-: {سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ،} وقد نزه الله ذاته في كثير من الآيات بنفسه تنزيها لائقا به. {اللهُمَّ}: انظر شرحه في الآية رقم [٣٢](الأنفال). {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ} أي: يحيي بعضهم بعضا بالسلام، أو تحييهم الملائكة بالسلام، أو هي تحية الله لهم، هذا؛ والتحية مصدر حياه الله بتشديد الياء، وأصل معناه: الدعاء له بالحياة، ثم عم في كل كلام يلقيه بعض الناس على بعض بقصد الدعاء، كقولهم: أبيت اللعن، وانعموا صباحا، أو مساء، ونحو ذلك، ثم خصته الشريعة الإسلامية بكلام معين، وهو قول القائل: السّلام عليكم.
{وَآخِرُ دَعْواهُمْ..}. إلخ: أي: وآخر دعواهم على جميع اعتباراته وتفسيراته هو أن يحمدوا الله على ما أنعم به عليهم من صنوف النعم، وقرئ برفع (الحمد) ونصبه.
هذا؛ ويؤخذ من الآية الكريمة سنية بدء الطعام والشراب بتسبيح الله وتقديسه، وأفضل ذلك البسملة، وأن يختم طعامه وشرابه بالحمدلة.
الإعراب:{دَعْواهُمْ}: مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. {فِيها}: متعلقان بدعواهم. {سُبْحانَكَ}:
مفعول مطلق لفعل محذوف، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر، أو اسم المصدر لفاعله، فيكون المفعول محذوفا، أو من إضافة المصدر لمفعوله، فيكون الفاعل محذوفا، والجملة الفعلية الحاصلة منه، ومن فعله المحذوف في محل رفع خبر المبتدأ، وعليه فالخبر هو نفس المبتدأ؛ لأن معنى دعائهم هو هذا اللفظ، مثل:(نطقي: حسبي الله)، وهذا عند الخليل وسيبويه، وقال الكسائي: هو منصوب على أنه نداء مضاف، والمعتمد الأول.
{اللهُمَّ}: منادى مفرد علم، مبني على الضم في محل نصب بيا النداء المحذوفة، والمعوض عنها الميم المشددة في الآخر، والجملة الندائية في محل نصب مفعول به للمصدر. {وَتَحِيَّتُهُمْ}:
مبتدأ، والهاء في محل جر بالإضافة من إضافة المصدر لفاعله، أو لمفعوله، انظر الشرح.
{فِيها}: متعلقان بتحية لأنه مصدر. {سَلامٌ}: خبر لمبتدإ، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها، الأولى بالاستئناف، والثانية بالاتباع. {وَآخِرُ}: مبتدأ، وهو مضاف، و {دَعْواهُمْ}: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر، والهاء في محل جر بالإضافة من إضافة المصدر لفاعله. {أَنِ} مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف. {الْحَمْدُ}: مبتدأ {لِلّهِ}: متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. {رَبِّ}: صفة، أو بدل من:(الله). و {رَبِّ} مضاف، و {الْعالَمِينَ}: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم... إلخ، وهذه الإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الاسمية:{الْحَمْدُ..}. إلخ في محل رفع خبر {أَنِ،} وعلى نصب: (الحمد)