{هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} فالمنافق لمّا كان ظاهره الإيمان اشتبه أمره على المؤمنين، وغرّهم بقوله الذي لا حقيقة له، ووالى الكافرين على المؤمنين، ولو أنه استمرّ على حاله الأول؛ لكان شرّه أخفّ، وخذ ما يلي:
فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّي لا أخاف على أمّتي مؤمنا، ولا كافرا، أمّا المؤمن فيحجزه إيمانه، وأمّا الكافر فيقمعه كفره، ولكن أخاف على أمّتي كلّ منافق عليم اللّسان». أخرجه الطّبرانيّ عن عليّ-رضي الله عنه-، وكرم الله وجهه.
{قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ} أي: نريد أن نداري الفريقين من المؤمنين، والكافرين، ونصطلح مع هؤلاء، وهؤلاء. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: أي نريد الإصلاح بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب. انتهى. وخذ قوله تعالى في بيان حقيقتهم: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ} رقم [١٤٣] من سورة (النساء).
هذا و ({الْأَرْضِ}) مؤنثة، وهي اسم جنس، وكان حق الواحدة أن يقال: أرضة، ولكنهم لم يقولوا، والجمع: أرضات لأنهم قد يجمعون المؤنث الذي ليس فيه هاء التأنيث بالألف، والتاء، لقولهم: عرسات، ثم قالوا: أرضون، فجمعوا بالواو والنون، والمؤنث لا يجمع بالواو، والنون إلا أن يكون منقوصا كثبة، وظبة، ولكنهم جعلوا الواو والنون عوضا عن حذفهم الألف، والتاء، وتركوا فتحة الراء على حالها، وربما سكنت، وقد تجمع على أروض.
وزعم أبو الخطاب: أنّهم يقولون: أرض، وأراض، مثل: أهل، وأهال، والأراضي أيضا على غير قياس، كأنّهم جمعوا أرضا، وكل ما سفل فهو أرض، وأرض أريضة؛ أي: زكية بينة الأراضة، وقد أرضت بالضم؛ أي: زكت، قال أبو عمرو: نزلنا أرضا أريضة، أي: معجبة للعين. ويقال: لا أرض لك! كما يقال: لا أمّ لك! والأرض أسفل قوائم الدّابة، قال حميد بن ثور الهلالي يصف فرسا: [الرجز]
ولم يقلّب أرضها البيطار... ولا لحبليه بها حبار
والأرض: النّفضة، والرّعدة، قال ابن عباس-رضي الله عنهما-وقد زلزلت الأرض:
زلزلت الأرض أم بي أرض؟ أي: نفضة، ورعدة. وقال ذو الرّمّة يصف صائدا: [البسيط]
إذا توجّس ركزا من سنابكها... أو كان صاحب أرض أو به الموم
والأرض: الزّكام. وقد آرضه الله إيراضا؛ أي: أزكمه، فهو مزكوم. والأرضة بالتّحريك:
دويبة تأكل الخشب، يقال: أرضت الخشبة، تؤرض أرضا-بالتسكين-فهي مأروضة: إذا أكلتها. انتهى صحاح الجوهري بحروفه.
الإعراب: {وَإِذا:} الواو: حرف استئناف. ({إِذا}): ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك، مبني على السكون في محل نصب. {قِيلَ:} فعل