هذا؛ والعقل: نور روحاني به تدرك النفس ما لا تدركه بالحواس الظاهرة، وسمي العقل عقلا؛ لأنه يعقل صاحبه، أي: يمنعه من فعل الرذائل، والقبائح؛ لذا فإن كل شخص لا يسير على الجادة المستقيمة لا يكون عاقلا بالمعنى الصحيح، وخذ ما يلي: [البسيط]
لم يبق من جلّ هذا الناس باقية... ينالها الوهم إلا هذه الصّور
لا يدهمنّك من دهمائهم عدد... فإنّ جلّهم بل كلّهم بقر
يقول: لا يدهمنك من جماعتهم الكثيرة عدد فيهم غناء، ونصرة، فإنّ كلّهم كالأنعام، والبهائم، ولله درّ القائل:
لا يدهمنك اللّحاء والصّور... تسعة أعشار من ترى بقر
في شجر السّرو منهم شبه... له رواء وماله ثمر
ورضي الله عن حسّان بن ثابت؛ إذ يقول: [البسيط]
لا بأس بالقوم من طول ومن عظم... جسم الجمال وأحلام العصافير
فقد ورد: أن رجلا معتوها مرّ على مجلس النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال الصحابة رضوان الله عليهم:
هذا رجل مجنون، فقال سيد الخلق، وحبيب الحق: «هذا مصاب، إنّما المجنون من أصرّ على معصية الله». هذا؛ والعقل أيضا: الدية، سميت بذلك؛ لأن الإبل المؤداة دية، تعقل بباب ولي القتيل، والعقال بكسر العين: الحبل الذي تشد به ركبة الجمل عند بروكه ليمنعه من القيام، والمشي، والعقال: أيضا صدقة عام، قال شاعر يهجو عاملا على الصدقات: [البسيط]
سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا... فكيف لو قد سعى عمرو عقالين؟
لأصبح النّاس أو بادا ولم يجدوا... عند التّفرّق في الهيجا جمالين
الإعراب: {لَقَدْ:} اللام: لام الابتداء، أو هي واقعة في جواب قسم محذوف. (قد):
حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {أَنْزَلْنا:} فعل، وفاعل. {إِلَيْكُمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {كِتاباً:} مفعول به، والجملة الفعلية: {لَقَدْ..}. إلخ ابتدائية، أو جواب قسم محذوف لا محل لها على الاعتبارين. {فِيهِ:} متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {ذِكْرُكُمْ:} مبتدأ مؤخر، والكاف في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف، أو من إضافته إلى الفاعل، والمفعول محذوف، والجملة الاسمية في محل نصب صفة {كِتاباً}.
{أَفَلا:} الهمزة: حرف استفهام إنكاري توبيخي. الفاء: حرف عطف على مقدر ينسحب عليه الكلام؛ أي: ألا تتفكرون فلا تعقلون؟! (لا): نافية. {تَعْقِلُونَ:} مضارع مرفوع... إلخ والواو فاعله، والكلام كله مستأنف لا محل له.