للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال البيضاوي: سكت غضب موسى بسبب اعتذار هارون، أو بتوبتهم. وفي هذا الكلام مبالغة، وبلاغة من حيث إنه جعل الغضب الحامل له على ما فعل، كالامر به، والمغري عليه حتى عبر عن سكونه بالسكوت. وقال عكرمة: هو من المقلوب، والأصل سكت موسى عن الغضب. ولا وجه له. {أَخَذَ الْأَلْواحَ:} ألواح التوراة التي ألقاها على الأرض. {وَفِي نُسْخَتِها:}

النسخ: عبارة عن النقل والتحويل، فإذا نسخت كتابا من كتاب حرفا بحرف، فقد نقلت ما في الأصل إلى الفرع. هذا؛ والنسخ إزالة الصورة عن الشيء، وإثباتها في غيره. وانظر الآية رقم [١٠٦] (البقرة) فقيل: لما تكسرت الألواح صام موسى أربعين يوما، فردت عليه، وأعيدت تلك الألواح في لوحين ولم يفقد منها شيئا. ذكره ابن عباس-رضي الله عنهما-.

وقال عطاء: فيما بقي منها، وذلك: أنه لم يبق منها إلا سبعها، وذهب ستة أسباعها، ولكن لم يذهب من الحدود، والأحكام شيء، وهذا ما ذكرته في الآية رقم [١٥٠]. {هُدىً} أي: من الضلالة. وانظر إعلاله في الآية رقم [٦/ ٩١]. {وَرَحْمَةٌ} أي: من العذاب. وانظر الآية رقم [١٥٦]. {لِرَبِّهِمْ:} انظر الآية رقم [٣]. {يَرْهَبُونَ:} يخافون؛ إذ الرهبة الخوف. وانظر لطيفة في الآية رقم [٢٠٣] الآتية.

الإعراب: {وَلَمّا:} (لمّا): انظر الآية رقم [١٣٤]. {سَكَتَ:} ماض. {عَنْ مُوسَى:} متعلقان بما قبلهما. {الْغَضَبُ:} فاعله، وعلى قراءة: «(أسكت)» فالفاعل محذوف، تقديره: (الله)، أو أخوه، أو الذين تابوا. انتهى. بيضاوي، فيكون الغضب بالنصب مفعولا به، وجملة: {سَكَتَ..}.

إلخ لا محل لها على اعتبار (لمّا) حرفا، وفي محل جر بإضافة (لمّا) إليها على اعتبارها ظرفا، وجملة: {أَخَذَ الْأَلْواحَ} جواب (لمّا) لا محل لها، و (لمّا) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له.

{وَفِي نُسْخَتِها:} متعلقان بمحذوف خبر مقدم، و (ها): في محل جر بالإضافة. {هُدىً:} مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف المقصورة، المحذوفة لالتقاء الساكنين، والألف الثابتة دليل عليها، وليست عينها، والجملة الاسمية في محل نصب حال من الألواح، والرابط: الواو، والضمير. {وَرَحْمَةٌ:} معطوف على سابقه. {لِلَّذِينَ:} جار ومجرور متعلقان ب‍ (رحمة) لأنه مصدر، أو بمحذوف صفة له. {هُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {لِرَبِّهِمْ:} اللام فيها أقوال: الأول قول الكوفيين: هي صلة، وربهم مفعول مقدم مجرور لفظا منصوب محلا. وقيل: هي لام التعليل، أي من أجل ربهم، وعلى هذا فمفعول الفعل محذوف، التقدير: يرهبون عقابه، وقال المبرد: اللام متعلقة بمصدر مقدر، أي: رهبتهم لربهم، ورد بأن فيه حذف المصدر وإبقاء معموله، ولا يجوز عند البصريين إلا في الشعر. وقيل: متعلقة بفعل محذوف، تقديره: والذين هم يخشعون لربهم، والمعتمد الأول. وقيل: لما تقدم المعمول، وهو المفعول ضعف الفعل عن العمل، فصار بمنزلة ما لا يتعدى. انتهى. قرطبي، وعكبري

<<  <  ج: ص:  >  >>