للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ وقد قيل: إن المعنى: كاسيات من الثياب، عاريات من لباس التقوى؛ الذي قال الله تعالى فيه في الآية رقم [٢٦] من سورة (الأعراف): {وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ} وأنشدوا: [الطويل]

إذا المرء لم يلبس ثيابا من التّقى... تقلّب عريانا، وإن كان كاسيا

وخير لباس المرء طاعة ربّه... ولا خير فيمن كان لله عاصيا

وفي هذا الكلام إستعارة لا تخفى: {وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ} أي: يطلبن العفة، والمحافظة على الشرف، ولا يلقين شيئا من الثياب، ويسترن وجوههنّ، وجميع أجسادهن؛ لأنه أبعد من التهمة. {وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ:} بنياتهن، وأقوالهن.

الإعراب: {وَالْقَواعِدُ:} الواو: حرف استئناف. (القواعد): مبتدأ. {مِنَ النِّساءِ:} متعلقان بمحذوف حال من القواعد على اعتبار أل للتعريف، أو بمحذوف صفة له، على اعتبارها للجنس، وهو أولى؛ لأن كثيرين لا يجيزون مجيء الحال من المبتدأ. {اللاّتِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة (القواعد) لا ل‍: {النِّساءِ}. {لا:} نافية. {يَرْجُونَ:}

مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة التي هي فاعله. {نِكاحاً:} مفعول به، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها. {فَلَيْسَ:} الفاء: زائدة للتوكيد. (ليس): ماض ناقص.

{عَلَيْهِنَّ:} متعلقان بمحذوف خبر مقدم، والنون حرف دال على جماعة الإناث. {جُناحٌ:}

اسم ليس مؤخر، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، ودخلت الفاء على الخبر؛ لأن المبتدأ موصوف بموصول، لو كان ذلك الموصول مبتدأ؛ لجاز دخولها في خبره؛ لأن الموصول يشبه الشرط في العموم، ولا يجوز أن يكون {اللاّتِي} صفة ل‍: {النِّساءِ؛} إذ لا يبقى مسوغ لدخول الفاء في خبر المبتدأ، وقال أبو البقاء: ودخلت الفاء لما في المبتدأ من معنى الشرط؛ لأن الألف، واللام بمعنى: اللاتي قعدن، وهذا مذهب الأخفش. انتهى.

{أَنْ:} حرف مصدري، ونصب، واستقبال. {يَضَعْنَ:} مضارع مبني على السكون، وهو في محل نصب ب‍: {أَنْ،} والنون فاعله. {ثِيابَهُنَّ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة، والنون حرف دال على جماعة الإناث. {غَيْرَ:} حال من نون النسوة، أو من الضمير المجرور محلا بالإضافة، و {غَيْرَ} مضاف، و {مُتَبَرِّجاتٍ:} مضاف إليه. {بِزِينَةٍ:} متعلقان بما قبلهما، و {أَنْ يَضَعْنَ} في تأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: في وضعهن ثيابهن، والجار والمجرور متعلقان ب‍: {جُناحٌ،} أو بمحذوف صفة له، والجملة الاسمية: {وَالْقَواعِدُ..}.

إلخ مستأنفة لا محل لها، والمصدر المؤول من: (أن يستعففن) في محل رفع مبتدأ، و {خَيْرٌ:}

خبره التقدير: والاستعفاف خير لهن من الوضع. {لَهُنَّ:} متعلقان بخير، والجملة الاسمية:

{وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها لا محل لها، والجملة الاسمية: {وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} مستأنفة، لا محل لها. تأمل، وتدبر، والله أعلم، وأجل، وأكرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>