للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للزيادة حدّ، فيقال: هذا ضعف هذا؛ أي: مثله، أو مثلاه، أو ثلاثة أمثاله، وهكذا. ويقال:

أضعفت الشيء، وضعّفته، وضاعفته. فمعناه: ضممت إليه مثله فصاعدا. وقال بعضهم: ضاعفت أبلغ من: ضعّفت، ولذا قرأ أكثرهم في سورة (الأحزاب): {يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ}. وفي (الفرقان): {يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ}. وفي (النّساء): {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها}. هذا؛ وللضّعف بفتح الضاد، والضّعف بكسرها، والضّعف بضمها معان نظمها بعضهم بقوله: [الرجز]

في الرّأي والعقل يكون الضّعف... والوهن في الجسم فذاك الضّعف

زيادة المثل كذا والضّعف... جمع ضعيف وهو شاكي الضّرّ

{وَاتَّقُوا اللهَ:} خافوه في أكل الرّبا، واحذروه، فلا تأكلوه. {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ:} أي لكي تسعدوا بثوابه في الآخرة؛ لأنّ الفلاح والفوز النجاح يتوقف على التقوى. وانظر ما ذكرته بشأن الربا في سورة (البقرة) رقم [٢٧٥].

بعد هذا ينبغي أن تعلم: أنّ ذكر الأضعاف المضاعفة في الآية الكريمة ليس للقيد، والشرط، وإنّما هو لبيان الحالة التي كان الناس عليها في الجاهلية، وللتشنيع عليهم بأن هذه المعاملة ظلما صارخا، وعدوانا مبينا؛ حيث كانوا يأخذون الربا أضعافا مضاعفة، قال أبو حيّان -رحمه الله تعالى-نهوا عن الحالة الشّنعاء، الّتي يوقعون عليها الربا، فربما استغرق بالنّذر اليسير مال المدين، فالرّبا محرّم بجميع أنواعه، فهذه الحالة ليست قيدا في النّهي.

وينبغي أن تلاحظ: أن هذا النهي عن أكل الرّبا جاء اعتراضا بين أثناء قصّة غزوة أحد، وإنّما خصّه الله بالذكر من بين المعاصي؛ لأنّه هو الذي آذن فيه بالحرب في قوله في سورة (البقرة) رقم [٢٧٩]. والحرب يؤذن بالقتل، فكأنّ الله-عزّ وجل-يقول: إن لم تتقوا الرّبا هزمتم، وقتلتم، فأمرهم بترك الرّبا؛ لأنّه كان معمولا به عندهم، والاعتراض بشيء بين ما هو بحث في شيء آخر إنّما هو للتنبيه على أهميته، كما في ذكر الدّعاء الذي بين آيات الصيام، وذكر الصّلاة بين الآيات المتعلّقة بالنّكاح، والطّلاق. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:} انظر الآية رقم [١٠٠]: ففيها الكفاية. {لا تَأْكُلُوا:} فعل مضارع مجزوم ب‍ ({لا}) الناهية، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنّه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنها ابتدائية كالجملة الندائية قبلها.

{الرِّبَوا} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر. {أَضْعافاً:} حال من: {الرِّبَوا}. {مُضاعَفَةً:} صفة له. {وَاتَّقُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها مثلها. {اللهَ:}

منصوب على التعظيم. {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ:} انظر إعراب مثلها في الآية رقم [١٢٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>