تعالى-: مرا زعاقا، لا تنتفعون به في شرب، ولا زرع، ولا غيرهما. {فَلَوْلا تَشْكُرُونَ} أي:
فهلا تشكرون الله على إنعامه في إنزاله المطر عليكم عذبا زلالا. قال تعالى في سورة (النحل) رقم [١٠]: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ}. وعن جابر -رضي الله عنه-أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان إذا شرب الماء؛ قال:«الحمد لله الذي سقانا عذبا فراتا برحمته، ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبنا». أخرجه ابن أبي حاتم.
تنبيه: من الملاحظ: أن اللام دخلت في جواب (لو) في قوله: {لَجَعَلْناهُ حُطاماً} ونزعت من قوله تعالى: {جَعَلْناهُ أُجاجاً} فابن هشام-رحمه الله تعالى-قد علل حذف اللام من الثاني، واستحسنه لطول الفصل. وعلله النسفي بقوله: لأن (لو) لما كانت داخلة على جملتين معلقة ثانيتهما بالأولى تعلق الجزاء بالشرط، ولم تكن مخلصة للشرط ك:«إن» ولا عاملة مثلها، وإنما سرى فيها معنى الشرط اتفاقا؛ من حيث إفادتها في مضموني جملتيها: أن الثاني امتنع لامتناع الأول؛ افتقرت في جوابها إلى ما ينصب علما على هذا التعلق، فزيدت هذه اللام لتكون علما على ذلك، ولما شهر موقعه؛ لم يبال بإسقاطه عن اللفظ لعلم كل أحد به، وتساوي حالي حذفه، وإثباته، على أن تقدم ذكرها، والمسافة قصيرة مغن عن ذكرها ثانية، ولأن هذه اللام تفيد معنى التأكيد لا محالة، فأدخلت في آية المطعوم دون آية المشروب؛ للدلالة على أن أمر المطعوم مقدم على أمر المشروب، وأن الوعيد بفقده أشد، وأصعب من قبل: أن المشروب إنما يحتاج إليه تبعا للمطعوم، ولهذا قدمت آية المطعوم على آية المشروب. انتهى.
هذا؛ و «يشاء» وماضيه: شاء، ولم يرد له، ولا ل:«أراد» يريد أمر فيما أعلم، فهما ناقصا التصرف، وأصل شاء: شيء على وزن فعل بكسر العين، بدليل شئت شيئا، وقد قلبت الياء ألفا لتحركها، وانفتاح ما قبلها، وقد كثر حذف مفعوله، وحذف مفعول: أراد، حتى لا يكاد ينطق به إلا في الشيء المستغرب، مثل قوله تعالى:{لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنّا} وقال الشاعر الخزيمي: [الطويل] فلو شئت أن أبكي دما لبكيته... عليه ولكن ساحة الصّبر أوسع
وقيد بعضهم حذف مفعول هذين الفعلين بعد «لو» كما في آيتي هذه السورة. وليس كذلك.
والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ:} انظر الاية رقم [٥٨]. {الَّذِي:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب صفة {الْماءَ،} والجملة بعده صلته، والعائد محذوف، التقدير: الذي تشربونه.
{أَأَنْتُمْ:}(الهمزة): حرف استفهام إنكاري توبيخي. (أنتم): يجوز فيه ما جاز بقوله: {أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ}. {أَنْزَلْتُمُوهُ:} فعل ماض مبني على السكون، والتاء فاعله، والميم حرف دال على جماعة الذكور، وحركت بالضم لتحسين اللفظ، فتولدت واو الإشباع، والهاء مفعول به،