للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعلم: أنّ ذبائح الأضاحي، والنّذور، وجميع القربات لا يجوز لنا أن نعطيهم منها؛ لأنّها لفقراء المسلمين. وخذ ما يلي:

عن أبي ثعلبة الخشني-رضي الله عنه-قال: قلت: يا رسول الله! إنا بأرض قوم أهل الكتاب؛ أفنأكل في آنيتهم، وبأرض أصيد بقوسي، وبكلبي الذي ليس بمعلّم، وبكلبي المعلّم، فما يصالح لي؟ قال: «أمّا ما ذكرت من آنية أهل الكتاب، فإن وجدتم غيرها؛ فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا غيرها؛ فاغسلوها، وكلوا فيها، وما صدت بقوسك، فذكرت اسم الله عليه؛ فكل، وما صدت بكلبك غير المعلّم، فأدركت ذكاته؛ فكل». أخرجه مسلم، وغيره.

{وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ} أي: وأبيح لكم أيها المؤمنون زواج الحرائر العفيفات من المؤمنات. {وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} أي: وأبيح زواج الحرائر من الكتابيات العفيفات أيضا، وقد تزوّج جماعة من الصّحابة من نساء النّصارى، ولم يروا بذلك بأسا أخذا بهذه الآية، فقد تزوّج عثمان بن عفان-رضي الله عنه-نائلة بنت الفرافصة على نسائه، وهي نصرانيّة، وتزوّج طلحة بن عبيد يهوديّة. وروي عن ابن عمر كراهية ذلك، ويحتج بقوله تعالى في سورة (البقرة) رقم [٢٢١]: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتّى يُؤْمِنَّ}. وكان يقول: لا أعلم شركا أعظم من قولها: إنّ ربّها عيسى. وأجاب الجمهور عن ذلك بأنّه عامّ خصّ بهذه، فأباح الله تعالى المحصنات من أهل الكتاب، وحرّم من سواهنّ من أهل الشّرك. {إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} أي:

إذا أعطيتموهن مهورهنّ، أي كما هنّ محصنات عفائف، فابذلوا لهنّ المهور عن طيب نفس.

وقد أفتى جابر بن عبد الله، وإبراهيم النخعي، والحسن البصري-رضي الله عنهم-بأنّ الرّجل إذا نكح امرأة، فزنت قبل دخوله بها: أنّه يفرّق بينهما، وتردّ عليه ما بذل لها من المهر، رواه ابن جرير عنهم.

{مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ:} فكما شرط الإحصان في النّساء، وهي العفّة عن الزنى؛ كذلك شرطها في الرّجال، وهي أن يكون الرجل أيضا عفيفا محصنا. {وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ} أي: وغير متخذين عشيقات، وصديقات تزنون بهنّ سرّا، وانظر الآية رقم [٢٢] من سورة (النّساء) فإنّه جيّد والحمد لله!.

{وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ} أي: ومن يجحد ما أمر الله به من توحيده، ونبوّة محمد صلّى الله عليه وسلّم وما جاء به من عند الله. {فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ:} بطل ثواب عمله في الدنيا، وخاب، وخسر في الدنيا، والآخرة. وقيل: المعنى: ومن يكفر بشرائع الإيمان، وتكاليفه؛ فقد خاب، وخسر. وقيل: لمّا أباح الله تعالى نكاح الكتابيات؛ قلن فيما بينهن: لولا أنّ الله قد رضي أعمالنا؛ لم يبح للمسلمين تزويجنا، فأنزل الله هذه الآية، والمعنى: إنّ تزوّج المسلمين إياهنّ ليس بالذي يخرجهن من الكفر. وقيل: غير ذلك. {وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ} إذا مات على ذلك؛ لأنّه إذا تاب، وآمن قبل الموت؛ قبلت توبته، وصحّ إيمانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>