هذا وفي المصباح المنير: حبط العمل، يحبط-من باب: تعب-حبطا بالسكون، وحبوطا:
فسد، وهدر. وحبط، يحبط من باب: ضرب لغة. والحبط بفتحتين أن تأكل الماشية، فتكثر حتّى تنتفخ لذلك بطونها، ولا يخرج عنها ما فيها، وقيل: هو أن ينتفخ بطنها من أكل الذرق، وهو الحندقوق. وفي الحديث:«إنّ ممّا ينبت الرّبيع ما يقتل حبطا، أو يلمّ». انتهى. واسم هذا الداء الحباط، والفعل: حبط، لازم، ويتعدّى بالهمزة، كما في قوله تعالى في كثير من الآيات:
{فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ}.
تنبيه: قد بيّن الله-عزّ وجل-في هذه الآية الكريمة حلّ تناول طعام اليهود، والنصارى، وحلّ نكاح نسائهم، والطّعام يطلق على كل طعام، ويشمل ذبائحهم التي يذبحونها بأيديهم، علما بأنّ حلّ ذبائحهم، ونكاح نسائهم مشروط عند الشافعي-رضي الله عنه-بشروط لا تتوفر في هذه الأيام، ومن أهمّها أن يكون منسوبا إلى إسرائيل، وهو يعقوب عليه السّلام، وأن لا يعلم دخول أحد من آبائه، وأجداده في اليهودية، أو النصرانية بعد بعثة محمد صلّى الله عليه وسلّم. وهذا غيرممكن كما هو معلوم، لذا فالتّحريم هو المفتى به في مذهب الشافعي، وأمّا غير الشافعي فإنّه لا يشترط هذه الشروط، وحلّ نكاح نسائهم من غير أن تسلم؛ أي: مع بقائها على دينها، وأمّا إذا أسلمت؛ فإنّها صارت من المؤمنات. وينبغي أن تعلم: أنّه لا يحل ذبائح المجوس، ولا نكاح نسائهم، ولا ذبائح، ونكاح نساء من لفّ لفّهم من الوثنيين؛ الذين يعبدون الشّمس، أو القمر، أو يؤلّهون بشرا، أو حيوانا، وإن ألحقوا بأهل الكتاب بضرب الجزية؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم:«سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم، ولا آكلي ذبائحهم».
تنبيه: يتساءل كثير من النّاس-ولا سيما النّصارى-: لماذا ننكح نساءهم، ولا ننكحهم نساءنا؟ الجواب سهل بعون الله، وهو: أنّ المسلم لا يؤذيها في دينها؛ لأنّه يقدس عيسى، وأمّه، ويجلّهما، فلا يتعرّض لهما بسوء بخلاف النّصرانيّ، واليهوديّ، فإنّه لا يجلّ محمدا صلّى الله عليه وسلّم، بل يصمه بأبشع الصّفات، فربما يؤذي المسلمة بسبّه، وشتمه. وأيضا الإسلام يعلو، ولا يعلى، والأمر ظاهر في قوامة الرّجل على المرأة وعلوّه عليها. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{الْيَوْمَ:} ظرف زمان متعلّق بالفعل بعده. {أُحِلَّ:} فعل ماض مبني للمجهول.
{لَكُمُ:} جار ومجرور متعلقان به. {الطَّيِّباتُ:} نائب فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة لا محلّ لها. {وَطَعامُ:} الواو: حرف عطف. (طعام): مبتدأ، وهو مضاف، و {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل جرّ بالإضافة. {أُوتُوا:} فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم، والواو نائب فاعله، وهو المفعول الأول، والألف للتفريق. {الْكِتابَ:} مفعول به ثان. {حِلٌّ:}
خبر المبتدأ، والجملة الاسمية معطوفة على الجملة الفعلية السابقة، لا محلّ لها مثلها. هذا؛ وجوّز أبو البقاء العكبري عطف (طعام) على: {الطَّيِّباتُ} عطف مفرد على مفرد، واعتبر:{حِلٌّ}