وصلحائها، وقيل: موت الأشراف من أحبار اليهود والنصارى، وقيل: هو خراب الأرض حتى يكون العمران في ناحية منها، وعن عطاء: هو ذهاب فقهائها، وخيار أهلها، وقيل: المراد بالنقصان: نقصان بركاتها وثمارها. ٧٤٤
وأعتمد الأول من هذه الأقوال؛ لأن الكلام مع كفار قريش، وهم المقصودون بهذا الكلام، ففيه تهديد ووعيد لهم، لعلهم يعتبرون، فيتعظون بما يرون من استيلاء المسلمين على أرض الشرك، من خيبر، وفدك، ومساكن بني قينقاع، وبني النضير، وبني قريظة، وهذا على أن الآية مدنية، وأطراف: جمع طرف بفتح الطاء والراء، وانظر الآية رقم [٤٣] من سورة (إبراهيم) عليه السّلام تجد ما يسرك.
{وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} أي: لا راد لحكمه، ولا ناقض لقضائه، والمعقب: هو الذي يعقب غيره بالرد والإبطال، ومنه قيل لصاحب الحق: معقب؛ لأنه يعقب غريمه بالاقتضاء والطلب، ومحصله: أنه سبحانه حكم للإسلام بالإقبال، وحكم على الكفر بالإدبار، وهو سريع الحساب، فيحاسبهم بعد زمن قليل في الآخرة، بعد ما عذبهم بالقتل، وأخرجهم من ديارهم في الدنيا، فلا تستبطئ عقابهم، فإنه آت لا محالة، وكل آت قريب، انتهى جمل. وفي القرطبي:
سريع الانتقام من الكافرين، سريع الثواب للمؤمنين، وقيل: لا يحتاج في حسابه إلى روية قلب، ولا عقد بنان. انتهى. و {سَرِيعُ الْحِسابِ} يحاسب العباد على كثرتهم وكثرة أعمالهم في مقدار لمحة، وصف سبحانه نفسه بسرعة الحساب مع ما ذكر ليدل بذلك على كمال قدرته؛ لأنه تعالى لا يشغله شأن عن شأن، ولا يحتاج إلى آلة، ولا أمارة، ولا مساعد، فلا جرم كان قادرا أن يحاسب جميع الخلائق في أقل من لمحة.
تنبيه: في الآية الكريمة التفات من التكلم إلى الغيبة، كما يكون من الغيبة إلى التكلم، وإلى الخطاب، ومن المفرد إلى الجمع، وبالعكس، وقد نبهت على ذلك فيما مضى، كما أنبه عليه في محاله الآتية، إن شاء الله تعالى، وله فوائد كثيرة: منها تطرية الكلام، وصيانة السمع عن الضجر والملال، لما جبلت عليه النفوس من حب التنقلات، والسآمة من الاستمرار على منوال واحد، هذه فوائده العامة، ويختص كل موضع بنكت، ولطائف باختلاف محله، كما هو مقرر في علم البديع، ووجهه حثّ السامع، وبعثه على الاستماع حيث أقبل المتكلم عليه، وأعطاه فضل عنايته، وخصصه بالمواجهة. انتهى.
الإعراب:{أَوَلَمْ}: الهمزة: حرف استفهام إنكاري. الواو: حرف عطف على محذوف مقدر، أو هي حرف استئناف. (لم): حرف نفي وقلب وجزم. {يَرَوْا}: مضارع مجزوم ب (لم)، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، والألف للتفريق. {أَنّا}: حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمها، حذفت نونها للتخفيف، وبقيت الألف دليلا عليها. {نَأْتِي}: مضارع