للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممّا هو جدير بالذكر: أنّ معنى الشكر في اللغة هو معنى الحمد في الاصطلاح، وأما معنى الشكر في الاصطلاح فهو: صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه فيما خلق لأجله. هذا؛ والحمد أربعة أقسام: حمد قديم لقديم، كحمد الله لذاته، وحمد قديم لحادث، كحمد الله لأنبيائه، والصّالحين من عباده، وحمد حادث لقديم، كحمدنا الله عز وجل، وحمد حادث لحادث، كحمد بعضنا بعضا، ولا تنس: أنّ المدح أعمّ من الحمد؛ لأنّه يكون للحيّ والميت، وللجماد، كما يمدح الطعام، والمكان، ونحو ذلك، ويكون قبل الإحسان، وبعده على الصفات المتعدّية، واللازمة أيضا فهو أعمّ، والألف واللام في {الْحَمْدُ} لاستغراق جميع أنواع الحمد، وصنوفه، كما جاء في الحديث الشريف من قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «اللهم لك الحمد كلّه، وبيدك الخير كلّه، وإليك يرجع الأمر كلّه»، فهذا الحديث من كلام جبريل عليه السّلام بيّنه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وهو بروايات مختلفة: عن أنس بن مالك، وعن مصعب بن سعد عن أبيه، وعن أبي سعيد الخدري، منها مطوّل، ومنها مختصر بتخريج البيهقيّ، وابن أبي الدنيا، انظر: الترغيب والترهيب للحافظ المنذري، رحمه الله تعالى!.

وعن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنّه قال: «أفضل الذكر: لا إله إلاّ الله، وأفضل الدعاء: الحمد لله». رواه الترمذيّ، وقال: حسن غريب. وعن أنس-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه قال: «ما أنعم الله على عبد نعمة، فقال: {الْحَمْدُ لِلّهِ} إلا كان الّذي أعطى أفضل ممّا أخذ». رواه ابن ماجة.

وعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حدّثهم: «أن عبدا من عباد الله قال: يا ربّ لك الحمد، كما ينبغي لجلال وجهك، ولعظيم سلطانك، فعضّلت بالملكين، فلم يدريا كيف يكتبانها؟! صعدا إلى السماء، فقالا: يا ربّنا! إنّ عبدك قد قال مقالة، لا ندري كيف نكتبها؟! قال الله-وهو أعلم بما قال عبده-: ماذا قال عبدي؟ قالا: يا رب! إنه قد قال: يا ربّ لك الحمد، كما ينبغي لجلال وجهك، ولعظيم سلطانك، فقال الله لهما: اكتباها كما قال عبدي؛ حتّى يلقاني، فأجزيه بها». رواه أحمد، وابن ماجة.

وعن أبي أيوب الأنصاري-رضي الله عنه-قال: قال رجل عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه» فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من صاحب الكلمة؟» فسكت الرجل، ورأى أنه قد هجم من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على شيء يكرهه. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من هو؟ فإنه لم يقل إلاّ صوابا!». فقال الرجل: أنا قلتها يا رسول الله، أرجو بها الخير! فقال: «والّذي نفسي بيده لقد رأيت ثلاثة عشر ملكا يبتدرون كلمتك؛ أيّهم يرفعها إلى الله تعالى». رواه ابن أبي الدنيا، والطّبراني بإسناد حسن، والبيهقيّ.

{رَبِّ} يطلق، ويراد به: المالك، والسّيد، ومنه قوله تعالى حكاية عن قول يوسف، على نبينا وعليه ألف صلاة، وألف سلام: {اِرْجِعْ إِلى رَبِّكَ} وقوله أيضا: {أَمّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً،} وقال الأعشى: [الكامل]

<<  <  ج: ص:  >  >>