ونحو ذلك، وعبادة الشمس، والقمر، وتغيير فطرة الله التي هي الإسلام، ويلحق به تغيير الشيب بالسّواد، والتّخنّث والخنسة، وغير ذلك.
وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمّاد-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «قال الله عزّ وجلّ: إنّي خلقت عبادي حنفاء، فجاءتهم الشّياطين، فاجتالتهم عن دينهم، فحرّمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزّل به سلطانا، وأمرتهم أن يغيّروا خلقي».
وعن ابن مسعود-رضي الله عنه-: أنّه قال: «لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الواشمات، والمستوشمات، والمتنمّصات، والمتفلّجات للحسن؛ المغيّرات خلق الله». فقالت له امرأة في ذلك، فقال: وما لي لا ألعن من لعنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟! وفي كتاب الله قال الله تعالى: {وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}. أخرجه السّتّة.
{وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ} يعني: يتّخذه ربّا يطيعه فيما يأمره. {فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً:} حيث استبدل طاعة الشّيطان بطاعة الله تعالى، والفساد بالصّلاح، والعقاب بالثّواب. هذا؛ وقيل في تفسير (الخسران): أنّه جعل لكلّ واحد من بني آدم منزل في الجنّة، ومنزل في النّار، فإذا كان يوم القيامة جعل الله للمؤمنين منازل الكفار الّتي في الجنة، وجعل للكفار منازل المؤمنين التي في النّار، فذلك هو الخسران، وأيّ خسران أعظم من هذا الخسران!! وفي سنن ابن ماجة عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما منكم من أحد، إلاّ وله منزلان: منزل في الجنّة، ومنزل في النّار، فإذا مات، فدخل النّار؛ ورث أهل الجنّة منزله». فذلك قوله تعالى في سورة (المؤمنون): {أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ}.
تنبيه: قد يرد سؤال: من أين لإبليس العلم بالعواقب حتّى يقول ما قاله الله تعالى عنه:
{وَلَأُضِلَّنَّهُمْ..}. إلخ، وقال تعالى في سورة (الأعراف) حكاية عنه: {وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ} وفي (الإسراء): {لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاّ قَلِيلاً،} وأكّد ذلك ما حكاه الله من قوله في سورة (ص):
{قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} وما يشبه في سورة (الحجر)؟ والجواب من ثلاثة أوجه:
أحدها: أنّ إبليس-لعنه الله-ظنّ: أنّ هذه الأمور التي يريدها تقع منهم، فحصل له ما ظنّه، ويدلّ على ذلك قوله تعالى في سورة (سبأ): {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ}.
الوجه الثّاني: قال ابن الأنباري: المعنى: لأجتهدن، ولأحرصنّ في ذلك، لا أنّه كان يعلم الغيب.
الوجه الثالث: قال الماوردي: من الجائز أن يكون قد علم ذلك من الملائكة بخبر من الله تعالى: أنّ أكثر الخلق لا يؤمنون.
تنبيه: النصيب المفروض: هو الشيء القليل، وهو ما ذكرته آية (الإسراء)؛ فكيف الجمع بينه وبين حديث: «بعث النار»؟ والجواب: أنّ الكفار الذين هم حزب الشّيطان، وإن كانوا أكثر