التعدية. {تُحِبُّونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، والجملة الفعلية صلة:{ما} أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: أراكم الذي، أو: شيئا تحبّونه. و {ما} المصدرية، والفعل بعدها في تأويل مصدر في محل جر بإضافة:{بَعْدِ} إليه، التقدير: من بعد رؤيته لكم الذي تحبونه. قال القرطبيّ-رحمه الله تعالى-: وجواب {حَتّى} محذوف، وعند التأمل يتبيّن لك: أنّ جواب {إِذا} هو المحذوف. ثم قال: ومثل هذا جائز، كقوله تعالى في سورة (الأنعام) رقم [٣٥]{فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ..}. إلخ؛ إذ التقدير: فافعل. وقال الفرّاء: جواب {حَتّى:}{وَتَنازَعْتُمْ} والواو مقحمة زائدة، كقوله تعالى في سورة (الصافات): {فَلَمّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنادَيْناهُ} أي: ناديناه.
وقال امرؤ القيس في معلّقته رقم [٣٧]: [الطويل]
فلمّا أجزنا ساحة الحيّ وانتحى... بنا بطن خبت ذي قفاف عقنقل
أي: انتحى. وعند هؤلاء يجوز إقحام الواو من:{وَعَصَيْتُمْ} أي: حتى إذا فشلتم وتنازعتم؛ عصيتم. وعلى هذا: فيه تقديم، وتأخير، أي: حتى إذا تنازعتم، وعصيتم؛ فشلتم.
وقال أبو علي الفارسي: يجوز أن يكون الجواب: {صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ} و {ثُمَّ} زائدة، والتقدير: حتى إذا فشلتم، وتنازعتم، وعصيتم؛ صرفكم عنهم، وقد أنشد بعض النحويين في زيادتها قول زهير، وهو الشاهد رقم [١٨٥] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الطويل]
أراني إذا أصبحت أصبحت ذا هوى... فثمّ إذا أمسيت أمسيت غاديا
وجوز الأخفش أن تكون زائدة، كما في قوله تعالى في سورة (التوبة): {حَتّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ..}. إلخ. وقيل:{حَتّى} بمعنى «إلى» وحينئذ لا جواب له، أي: صدقكم الله وعده إلى أن فشلتم؛ أي: كان ذلك الوعد بشرط الثبات. انتهى قرطبي بتصرّف. انظر ما ذكرته عنه من شواهد في محالها التي ذكرتها في كتبي؛ ليتبيّن لك: أنّ {حَتّى} لا جواب لها، وأن الجواب لأداة شرط جازمة أو غير جازمة، وعليه ف {إِذا} ومدخولها كلام مبتدأ، أو مستأنف لا محلّ له.
({مِنْكُمْ}): جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {مِنْ} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر، ولا أعتمده، وإنّما أعتمد ما ذكرته في الآية رقم [١١٠]{يُرِيدُ:} فعل مضارع، والفاعل يعود إلى:{مِنْ}. {الدُّنْيا:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الفعلية صلة:{مِنْ} أو صفتها، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها، والتي بعدها معطوفة عليها، وإعرابها مثلها بلا فارق. {ثُمَّ:} حرف عطف. {صَرَفَكُمْ:} فعل ماض، والفاعل يعود إلى:{اللهُ،} والكاف مفعوله، والجملة الفعلية معطوفة على جملة جواب:{إِذا} المقدّرة، وعليه فالجملتان الاسميتان معترضتان بين المتعاطفتين لا محلّ لهما.