للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ:} كان السبب فيه ما روي عن ابن مسعود-رضي الله عنه-مرفوعا. قال:

كانتا من جلد حمار ميت غير مدبوغ وإنما أمر بخلعهما صيانة للوادي المقدس. وقيل: أمر بخلعهما؛ ليباشر بقدميه تراب الأرض المقدسة؛ لتنالهما بركتها، فخلعهما، وألقاهما وراء الوادي. وقيل: أمره بخلعهما؛ لأن الحفوة تواضع، وأدب، ولذلك طاف بعض السلف حول الكعبة حافين. {إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ} أي: المطهر. {طُوىً:} اسم الوادي الذي حصل فيه الكلام، ويقرأ بغير تنوين على أنه معرفة مؤنث علم للبقعة. وقال في القاموس: وطوى بالضم والكسر، وينون واد بالشام. انتهى. وهو غير المذكور في الآية حتما.

هذا؛ و «الوادي» هو المنفرج بين جبلين يجري فيه السيل، ويجمع على، أودية وأوديات، وأوادية، وأوداء وأوداة. قال جرير: [الوافر]

عرفت ببرقة الأوداه رسما... محيلا طال عهدك من رسوم

ولم أعثر على «وديان» مع أنه كثير، ومستعمل. هذا؛ وقد قال أبو البقاء في جمع «واد» على: أودية، وجمع فاعل على أفعلة شاذ ولم نسمعه في غير هذا الحرف، ووجهه: أن فاعلا قد جاء بمعنى: فعيل، وكما جاء فعيل، وأفعلة كجريب، وأجربة كذلك فاعل. انتهى.

الإعراب: {فَلَمّا:} الفاء: حرف استئناف. (لمّا): حرف وجود لوجود عند سيبويه، وبعضهم يقول: حرف وجوب لوجوب، وهي ظرف بمعنى: «حين» عند ابن السراج، والفارسي، وابن جني وجماعة، تتطلب جملتين مرتبطتين ببعضهما ارتباط فعل الشرط بجوابه، وصوب ابن هشام الأول، والمشهور الثاني. {أَتاها:} ماض ومفعوله، وفاعله يعود إلى {مُوسى،} والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية على القول بحرفية (لمّا)، وهي في محل جر بإضافة (لمّا) إليها على القول بظرفيتها. {نُودِيَ:} ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى {مُوسى،} والجملة الفعلية جواب (لمّا)، لا محل لها، و (لمّا) ومدخولها كلام مستأنف، لا محل له. (يا):

حرف نداء ينوب مناب: «أدعو». (موسى): مفرد علم مبني على ضم مقدر على الألف للتعذر في محل نصب ب‍: (يا)، والجملة الندائية في محل نصب مفعول به، وهي في معنى مقول القول.

{إِنِّي:} حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم اسمها. {أَنَا:} ضمير منفصل يجوز أن يكون فصلا لا محل له، وأن يكون توكيدا لاسم (إنّ) على المحل، وأن يكون مبتدأ. {رَبُّكَ:} خبر (إنّ) على الوجهين الأولين في الضمير، وخبره على الوجه الثالث، وعليه فالجملة الاسمية في محل رفع خبر إن، والكاف في محل جر بالإضافة من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الاسمية: {إِنِّي..}. إلخ يقال فيها ما قيل بالجملة الندائية قبلها. هذا؛ ويقرأ بفتح همزة (أنّ)، وعليه فهي تؤوّل مع اسمها وخبرها بمصدر في محل جرّ بحرف جر محذوف، التقدير:

بكوني ربك، والجار والمجرور على هذا متعلقان بالفعل {نُودِيَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>