للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أقوالكم؛ لأنّ من اعتقد أنّه من أهل الجنة، كان الموت أحبّ إليه، من الحياة الدنيا؛ لما يصير إليه من نعيم الجنة، ويزول عنه من أذى الدّنيا، كما قال الإمام عليّ-كرم الله وجهه-: لا أبالي أسقطت على الموت، أم سقط الموت عليّ؟ وقال عمار بن ياسر-رضي الله عنه-بصفين:

الآن ألقى الأحبة: محمدا، وحزبه. وقال ذلك بلال-رضي الله عنه-عند احتضاره، وقال حذيفة-رضي الله عنه-حين احتضر: [المتقارب]

وجاء حبيب على فاقة... فلا أفلح اليوم من قد ندم

{خالِصَةً:} مصدر، كالعافية، والعاقبة؛ بمعنى: الخلوص؛ أي: خاصّة بكم، لا يشارككم فيها أحد. {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ} فسلوا الله الموت، قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: لو تمنّى اليهود الموت؛ لماتوا، ولو تمنّوا الموت؛ لشرق أحدهم بريقه. وقال ابن جرير: وبلغنا أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: لو أن اليهود تمنوا الموت؛ لماتوا، ولرأوا مقاعدهم من النّار، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لرجعوا لا يجدون أهلا، ولا مالا. ونظير هذه الآية قوله تعالى في سورة (الجمعة) رقم [٦]: {قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلّهِ..}. إلخ، {إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} أي:

في دعواكم: أنّ الجنة لكم دون غيركم، وانظر التمنّي في الآية رقم [٧٨].

الإعراب: {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {إِنْ:} حرف شرط جازم.

{كانَتْ:} فعل ماض ناقص مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، والتاء تاء التأنيث.

{لَكُمُ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر (كان) تقدم على اسمها. {الدّارُ:} اسم (كان) المؤخر، وهو على حذف مضاف؛ إذ التقدير: نعيم الدار، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه. {الْآخِرَةُ:} صفة {الدّارُ}. {عِنْدَ} ظرف مكان متعلق ب‍ {خالِصَةً} و {دُونِ} مضاف، و {النّاسِ:} مضاف إليه. {خالِصَةً:} حال من: {الدّارُ الْآخِرَةُ،} {مِنْ دُونِ:} متعلقان ب‍ {خالِصَةً}. هذا وجه لإعراب هذه الجملة، وهناك وجه ثان، وهو: أن {خالِصَةً:} خبر: (كان)، و {لَكُمُ} متعلقان ب‍ {خالِصَةً} أو ب‍ (كان) عند من يجيز التعليق بها، و {عِنْدَ} متعلق ب‍ {خالِصَةً}. ووجه ثالث، وهو أنّ الخبر متعلق بالظرف: {عِنْدَ،} و {خالِصَةً} حال من الدار، والعامل فيها إمّا {عِنْدَ} أو ما يتعلق به، أو (كان) أو {لَكُمُ} على اعتبارهما متعلقين ب‍ (كان).

{فَتَمَنَّوُا:} الفاء: واقعة في جواب الشرط. (تمنوا): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتّفريق. {الْمَوْتَ:} مفعول به، والجملة: (تمنوا {الْمَوْتَ}) في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لا تحل محلّ المفرد، وجملة: ({كانَتْ}) لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي، والشرط، ومدخوله في محل نصب مقول القول، وجملة: {قُلْ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها، وقيل: كرر

<<  <  ج: ص:  >  >>