هذا؛ والإيمان الصحيح هو: الإقرار باللسان، والتصديق بالجنان، والعمل بالأركان. ولما سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الإيمان، قال:«الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الاخر، والقدر، خيره، وشرّه من الله تعالى». والإيمان يزيد، وينقص على المعتمد، كما رأيت في الاية رقم [٢] من سورة (الأنفال)، وله شعب كثيرة، وهي سبع وسبعون شعبة، أعلاها: لا إله إلاّ الله... إلخ، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، وهو بفتح الهمزة جمع: يمين بمعنى الحلف بالله، أو بصفة من صفاته، أو اسم من أسمائه. قال تعالى:{وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ} واليمين أيضا اليد اليمنى، وتجمع أيضا على: أيمان، كما في قوله تعالى:{أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ} وهو كثير في القرآن الكريم، ولا يجمع بالمعنى الأول؛ لأنه مصدر.
هذا؛ و {أَمْثَلُهُمْ} في هذه الاية جمع: مثل بفتحتين، والمثل: عبارة عن قول في شيء يشبه قولا في شيء آخر بينهما مشابهة ليتبيّن أحدهما من الاخر، ويصوره. وقيل: هو تشبيه شيء بشيء آخر، وبالجملة: هو القول السائر بين الناس، والذي فيه غرابة من بعض الوجوه، والممثل بمضربه؛ أي: هو الحالة الأصلية، التي ورد الكلام فيها. وما أكثر الأمثال في اللغة العربية! علما بأن الأمثال لا تغير، تذكيرا، وتأنيثا، إفرادا، وتثنية، وجمعا، بل ينظر فيها دائما إلى مورد المثل؛ أي: أصله، مثل:(الصّيف ضيّعت اللّبن) فإنه يضرب لكل من فرط في تحصيل شيء في أوانه، ثم طلبه بعد فواته. وانظر (مثل) بكسر الميم وسكون الثاء في الاية رقم [١٠] الاتية.
الإعراب:{ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {بِأَنَّ:} الباء: حرف جر. (أنّ): حرف مشبه بالفعل.
{الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم (أنّ). وجملة:{كَفَرُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، لا محل لها، وجملة:{اِتَّبَعُوا الْباطِلَ} في محل رفع خبر (أنّ)، و (أنّ) واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل جر بالباء، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، والجملة الاسمية مستأنفة لا محلّ لها. {وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ} معطوف على ما قبله، وهو مثله في الإعراب، والتأويل. {مِنْ رَبِّهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من: {الْحَقَّ،} والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {كَذلِكَ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف عامله ما بعده، التقدير: يضرب الله للناس أمثالهم ضربا كائنا مثل الضرب الذي يضربه الله لقريش، وأمثالهم من الكفار. {يَضْرِبُ:} فعل مضارع. {اللهُ:} فاعله. {لِلنّاسِ:}
متعلقان به، {أَمْثَلُهُمْ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محلّ لها.