للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقابلتها؛ أي: تأتي من جهة يمين من استقبل مطلع الشمس، وهي الريح اليمانية. والثالثة:

الصّبا، بفتح الصاد، وتأتي من مطلع الشمس، وتسمى القبول أيضا. والرابعة: الدّبور، وتأتي من مغرب الشمس، وما أتى منها من بين تلك الجهات، يقال لها: النّكباء، ثم إن خرجت من بين الجنوب والشرق، قيل لها: أزيب، (بفتح الهمزة، وسكون الزاي، وفتح الياء). وإن خرجت من بين الشمال والغرب، قيل لها: جربيا، (بكسر الجيم، وسكون الراء، وكسر الباء). وإن خرجت من بين الشمال، والشرق، قيل لها: صابية. وإن خرجت من بين الجنوب، والغرب، قيل لها: هيف (بفتح الهاء، وسكون الياء) وقد جمع الثمانية النواجي بقوله: [الطويل] صبا ودبور والجنوب وشمأل... بشرق وغرب والتّيمّن والضّدّ

ومن بينها النّكباء أزيب جربيا... وصابية والهيف خاتمة العدّ

هذا؛ وأضيف: أن ريح الصبا نصر الله بها نبينا صلّى الله عليه وسلّم في غزوة الخندق، حيث فعلت بقريش العجائب، فارتدوا على أعقابهم خاسئين، كما ستقف عليه في سورة (الأحزاب) إن شاء الله تعالى، وأن ريح الدّبور أهلك الله بها قوم عاد، ونبيهم هود-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-كما رأيت في سورة (الأعراف)، وسورة (هود) وغيرهما.

هذا؛ ولا تنس: أن الريح تفسر بالدولة، والقوة، قال تعالى: {وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} أي: دولتكم وقوتكم، شبهت في نفوذ أمرها، وتمشيه بالريح، وهبوبها، يقال: هبت رياح بني فلان: إذا دانت لهم الدولة، ونفذ أمرهم. وتقول: الريح لفلان: إذا كان غالبا في الأمر. قال الشاعر: [الوافر] إذا هبّت رياحك فاغتنمها... فإنّ لكلّ خافقة سكون

ولا تغفل عن الإحسان فيها... فما تدري السّكون متى يكون؟

فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «الرّيح من روح الله تعالى، تأتي بالرّحمة، وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها؛ فلا تسبّوها، واسألوا الله من خيرها، واستعيذوا بالله من شرّها». رواه الشافعي بطوله، وأخرجه أبو داود في المسند عنه. وعن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-قال: «إنّ الرّياح ثمان: أربع منها عذاب، وهي القاصف، والعاصف، والصّرصر، والعقيم.

وأربع منها رحمة، وهي: النّاشرات، والمبشّرات، والمرسلات، والذّاريات».

الإعراب: {وَمِنْ:} الواو: حرف استئناف. {(مِنْ آياتِهِ)}: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {أَنْ:} حرف مصدري، ونصب. {يُرْسِلَ:}

فعل مضارع منصوب ب‍: {أَنْ،} والفاعل ضمير مستتر تقديره: «هو» يعود إلى الله تعالى.

{الرِّياحَ:} مفعول به. {مُبَشِّراتٍ:} حال من الرياح منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن

<<  <  ج: ص:  >  >>