للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانوا ينكرون ذلك. {وَلَمّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} أي: ولم يأتهم بيان ما يؤول إليه ذلك الوعيد الذي توعدهم الله به في القرآن من الانتقام الشديد، والأخذ السريع؛ حتى يتبين لهم أنه صدق أم كذب، والمعنى: أن القرآن معجز من جهة اللفظ، ومعجز من جهة المعنى، وهم قد كذبوا به قبل أن يتأملوا لفظه، وقبل أن يتدبروا معناه، واستمرار النفي ب‍ (لمّا) يفيد أنه قد ظهر لهم فيما بعد إعجازه لكثرة ما تحداهم به، ومع ذلك بقوا مصرين على الكفر تمردا وعنادا، وهذا كان قبل الهجرة، ولكن بعد الهجرة تفهموا معناه، وتدبروا آياته؛ لذا فقد آمن منهم خلق كثير، ولا سيما بعد معاهدة الحديبية التي فتحت الباب على مصراعيه للتفاهم بين المسلمين وبين المشركين.

{كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي: كما كذب هؤلاء بالقرآن كذبت الأمم الماضية أنبياءهم فيما وعدوهم، أو توعدوهم به. {فَانْظُرْ كَيْفَ..}. إلخ: الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، أي: فانظر يا محمد كيف كان عاقبة من ظلم من الأمم السابقة، فعاقبة من كذبك تكون مثل عاقبة هؤلاء، ففيه تسلية للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ويحتمل أن يكون الخطاب لكل فرد من الناس، ليعتبر من يعتبر.

الإعراب: {بَلْ}: حرف عطف وانتقال. {كَذَّبُوا}: فعل وفاعل والألف للتفريق. {بِما}:

متعلقان بالفعل قبلهما، و (ما): تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر بالباء، وجملة: {لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} صلة (ما) أو صفتها، والعائد أو الرابط: الضمير المجرور محلا بالإضافة. {وَلَمّا}: الواو: واو الحال. (لما): حرف نفي وقلب وجزم. {يَأْتِهِمْ}: مضارع مجزوم ب‍ (لما)، وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والهاء في محل نصب مفعول به. {تَأْوِيلُهُ}: فاعله، والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة: {وَلَمّا يَأْتِهِمْ..}. إلخ في محل نصب حال من واو الجماعة ب‍ {كَذَّبُوا} والرابط: الواو، والضمير، وجوز عطفها على جملة الصلة، والحالية أقوى. {كَذلِكَ}: جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف عامله الفعل الذي بعده، التقدير: كذب الذين من قبلهم تكذيبا كائنا مثل تكذيب كفار قريش للقرآن الكريم، وانظر تفصيل الإعراب في الآية رقم [١٣]، {كَذَّبَ}: ماض.

{الَّذِينَ}: اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. {مِنْ قَبْلِهِمْ}: متعلقان بمحذوف صلة الموصول، والهاء في محل جر بالإضافة، وجملة: {كَذلِكَ كَذَّبَ..}. إلخ: مستأنفة لا محل لها، وكذلك جملة: {بَلْ كَذَّبُوا..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. {فَانْظُرْ}: الفاء: هي الفصيحة وانظر الآية رقم [٣]، (انظر): أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت». {كَيْفَ}: اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب خبر كان، تقدم عليها وعلى اسمها. {كانَ}: ماض ناقص، {عاقِبَةُ}:

اسمها، وهو مضاف، و {الظّالِمِينَ}: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء... إلخ، وجملة:

{كَيْفَ كانَ..}. إلخ في محل نصب مفعول به للفعل قبلهما، المعلق عن العمل لفظا بسبب الاستفهام، وجملة (انظر...) إلخ لا محل لها؛ لأنها جواب لشرط مقدر ب‍ «إذا»، التقدير: وإذا كان ذلك حاصلا وواقعا؛ فانظر، وهذا الكلام كله مستأنف لا محل له.

<<  <  ج: ص:  >  >>