تنبيه: عن عمر بن الخطاب-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الميّت يعذّب في قبره بما نيح عليه». رواه البخاري، ومسلم، وابن ماجة، والنسائي؛ إلا أنه قال:«بالنياحة عليه».
فلا تعارض بين الآية، والحديث، فإن الحديث محمول على ما إذا كان النوح من وصية الميت، وسنته، كما كانت الجاهلية تفعله، حتى قال طرفة بن العبد البكري وهو من معلقته:[الطويل] إذا متّ فانعيني بما أنا أهله... وشقّي عليّ الجيب يا ابنة معبد
وذهب جماعة من أهل العلم، -منهم داود الظاهري-إلى الأخذ بظاهر الحديث، وأنه إنما يعذب بنوح النساء؛ لأنه أهمل النهي عنه قبل موته، فيعذب بتفريطه بذلك.
{وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى:} المعنى وإن تطلب نفس مثقلة بالأوزار، وتسأل أحدا ليحمل عنها بعض أوزارها؛ لا يتحمل عنها شيئا، ولو كان المدعو المسئول قريبا لها، كالأم، والأب، والولد، والأخ، والصديق، والزوجة... إلخ، وهو صريح الآيات المذكورة آنفا، وقال تعالى في سورة (لقمان) رقم [٣٣]: {يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً}.
قال الزمخشري-رحمه الله تعالى-: فإن قلت: ما الفرق بين معنى قوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى} وبين معنى قوله: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ..}. إلخ؛ قلت: الأول في الدلالة على عدل الله تعالى في حكمه، وأنّه تعالى لا يؤاخذ نفسا بغير ذنبها. والثاني: فإنه لا غياث يومئذ لمن استغاث، حتى إن نفسا قد أثقلتها الأوزار، وبهظتها لو دعت إلى أن يخفف عنها بعض وزرها؛ لم تجب، ولم تغث، وإن كان المدعو بعض قرابتها من أب، أو ولد، أو أخ. انتهى. كشاف.
وأما قوله تعالى في الآية رقم [١٣] من سورة (العنكبوت): {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ} فهذا في حق الضالين المضلين، فإنهم يحملون أثقال إضلالهم مع أثقال ضلالهم، وكان ذلك يعد من أوزارهم، ليس فيه شيء من أوزار غيرهم. انظر تفسيرها هناك؛ تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.
هذا؛ و (حمل) بفتح الحاء وسكون الميم، قال ابن السكيت: ما كان في بطن، أو على رأس شجرة، والحمل بالكسر: ما كان على ظهر، أو رأس، قال الأزهري: وهذا هو الصواب، وهو قول الأصمعي، وقال بعضهم:[الرجز] ما كان في بطن فذاك حمل... وإن على ظهر ورأس حمل