وقال القرطبي: وقد حكى يعقوب في حمل النخلة الكسر. وقال أبو سعيد السيرافي: يقال في حمل المرأة: حمل، وحمل، يشبه مرة لاستبطانه بحمل النخلة، ومرة لبروزه، وظهوره بحمل الدابة. وقال الرازي في مختاره: ويقال: امرأة حامل، وحاملة إذا كانت حبلى، فمن قال:
حامل قال: هذا نعت لا يكون إلا للإناث، ومن قال: حاملة بناه على: حملت، فهي حاملة، وأنشد:[الوافر] تمخّضت المنون له بيوم... أتى ولكلّ حاملة تمام
فإذا حملت المرأة شيئا على ظهرها، أو على رأسها، فهي حاملة لا غير؛ لأن الهاء إنما تلحق للفرق، فما لا يكون للمذكر، لا حاجة فيه إلى علامة التأنيث، فإن أتي بها فإنما هو على الأصل، هذا قول أهل الكوفة، وقال أهل البصرة: هذا غير مستمر؛ لأن العرب تقول: رجل أيّم وامرأة أيّم، ورجل عانس وامرأة عانس مع الاشتراك، وقالوا: امرأة مصيبة، وكلبة مجرية مع الاختصاص.
قالوا: والصواب أن يقال: إن قولهم: حامل، وطالق، وحائض، ونحوها، أوصاف مذكرة وصف بها الإناث، كما أن الرّبعة، والرّاوية، والخجأة، أوصاف مؤنثة وصف بها الذكور. انتهى.
{إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ} أي: إنما تخوف الذين يخشون عقاب الله تعالى حالة كونهم غائبين عن عذابه، أو غائبين عن الناس في خلوتهم، أو غائبا عنهم عذاب الله تعالى، فهؤلاء هم الذين ينفعهم الوعظ، والنصح، ويجدي معهم التخويف، والإنذار، فهو كقوله تعالى:
{إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ} الآية رقم [١١] من سورة: (يس) والخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، ويعم كل واعظ، ومرشد، وانظر شرح الغيب في الآية رقم [٣] من سورة (سبأ).
قال الزمخشري: فإن قلت: كيف اتصل قوله: {إِنَّما تُنْذِرُ} بما قبله، قلت: لما غضب الله عليهم في قوله: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ} أتبعه الإنذار بيوم القيامة، وذكر أهوالها، ثم قال:{إِنَّما تُنْذِرُ} كأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أسمعهم ذلك، فلم ينفع، فنزل:{إِنَّما تُنْذِرُ،} أو أخبره الله تعالى بعلمه فيهم. انتهى. ولا تنس الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، وانظر الالتفات في الآية رقم [٣٤] من سورة (الروم) فهو جيد.
{وَأَقامُوا الصَّلاةَ:} انظر الآية رقم [٤] من سورة (لقمان). وخصهم بالذكر؛ لأنهم هم المنتفعون بالإنذار؛ لأن من شأن الصلاة أن تهذب النفوس، وتلين الطبائع، وتصلح العمل، وإذا لم تفعل ذلك؛ فهي غير مقبولة عند الله، انظر الآية رقم [٤٥] من سورة (العنكبوت) تجد ما يسرك، ويثلج صدرك. {وَمَنْ تَزَكّى:} ومن طهر نفسه من أدناس المعاصي. {فَإِنَّما يَتَزَكّى لِنَفْسِهِ:} فإن ثمرة تطهير نفسه عائدة عليه، فصلاحه، وتقواه مختص به، لا يتعداه لغيره. {وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ:} إليه المرجع، والمآب، فهو يجازيه على عمله، ويجازي كل إنسان أيضا من ذكر، أو أنثى، وانظر شرح النفس في الآية رقم [٢٨] من سورة (الروم).