للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برسول ثالث، واسمه: شمعون الصفا بن لاوي. ويقرأ الفعل بالتشديد، والتخفيف، وهما بمعنى واحد. وقيل: التخفيف بمعنى: غلبنا وقهرنا، ومنه قوله تعالى في سورة (ص) رقم [٢٣]:

{وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ}. والتشديد بمعنى: قوينا، وكثرنا.

وخذ القصة بما يلي: أرسل عيسى-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-رسولين من الحواريين، اسمهما: يوحنا، وبولس إلى مدينة أنطاكية، فلقيا رجلا يرعى غنيمات له، وهو حبيب النجار صاحب: «يس» فدعوه إلى عبادة الله تعالى، وقالا: نحن رسولا عيسى ندعوك إلى عبادة الله تعالى. فطالبهما بالمعجزة، فقالا: نحن نشفي المرضى، وكان له ابن مريض منذ سنتين، فمسحاه، فقام بإذن الله صحيحا، فآمن الرجل بالله تعالى، ففشا أمرهما، وشفيا كثيرا من المرضى، فأرسل الملك إليهما، وكان يعبد الأصنام، فسألهما عن حالهما، وما يريدان، فقالا: نحن رسولا عيسى، فقال: وما آيتكما؟ قالا: نبرئ الأكمه، والأبرص، ونبرئ المريض بإذن الله، وندعوك إلى عبادة الله، وتوحيده. فحسبهما الملك، وجلدهما مائة جلدة، فانتهى الخبر إلى عيسى، على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام، فأرسل ثالثا هو شمعون الصفا رأس الحواريين؛ لنصرهما.

فعاشر حاشية الملك حتى تمكن منهم، واستأنسوا به، ورفعوا حديثه إلى الملك، فأنس به، وأظهر موافقته في دينه، فرضي الملك طريقته، ثم قال يوما للملك: بلغني: أنك حبست رجلين دعواك إلى الله، فلو سألت عنهما ما وراءهما؟ فقال: إن الغضب حال بيني، وبين سؤالهما! قال: فلو أحضرتهما، فأمر بذلك، فقال لهما شمعون: ما برهانكما على ما تدعيان؟ فقالا:

نبرئ الأكمه، والأبرص، فجيء بغلام ممسوح العينين، موضع عينيه كالجبهة، فدعوا ربهما، فانشق موضع البصر، فأخذا بندقتين من طين، فوضعاهما في خديه، فصارتا مقلتين يبصر بهما، فعجب الملك، وقال: إن هاهنا غلاما مات منذ سبعة أيام؛ ولم أدفنه حتى يجيء أبوه، فهل يحييه ربكما؟ فدعوا الله علانية، ودعاه شمعون سرا، فقام الميت حيا، فقال للناس: إني مت منذ سبعة أيام فوجدت مشركا، فأدخلت في سبعة أودية من النار، فأحذركم ما أنتم فيه، فآمنوا بالله! ثم فتحت أبواب السماء، فرأيت شابا، حسن الوجه، يشفع لهؤلاء الثلاثة: شمعون، وصاحبيه، حتى أحياني الله، أنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن عيسى رسول الله، وكلمته، وأن هؤلاء هم رسل الله. فقالوا له: وهذا شمعون أيضا معهم؟ فقال: نعم، وهو أفضلهم، فأعلمهم شمعون: أنه رسول المسيح إليهم، فأثر قوله في الملك، فدعاه إلى الله، فآمن الملك في قوم كثير، وكفر آخرون.

وحكى القشيري: أن الملك آمن، ولم يؤمن قومه، وصاح جبريل صيحة مات كل من بقي من الكفار. وروي: أن عيسى لما أمرهم أن يذهبوا إلى تلك القرية، قالوا: يا نبي الله! إنا لا نعرف أن نتكلم بألسنتهم، ولغاتهم! فدعا الله لهم، فناموا بمكانهم، فهبوا من نومتهم، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>