الزيادة في الخيرات، والصالحات. والطالح الكافر يندم على عصيانه، وإسرافه في السيئات؛ فضلا عن ندامته في الكفر، وعبادة غير الله تعالى.
عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من أحد يموت إلا ندم».
قالوا: وما ندامته يا رسول الله؟! قال:«إن كان محسنا؛ ندم ألاّ يكون ازداد. وإن كان مسيئا؛ ندم أن لا يكون نزع». رواه الترمذي، والبيهقي.
{لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً:} قال قتادة-رحمه الله تعالى-: ما تمنى أن يرجع إلى أهله، وعشيرته، ولا ليجمع الدنيا، ويقضي الشهوات، ولكن تمنى أن يرجع، فيعمل بطاعة الله، فرحم الله امرأ عمل فيما تمناه الكافر إذا رأى العذاب! فعن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«إذا عاين المؤمن الملائكة، قالوا:
نرجعك إلى الدّنيا، فيقول: إلى دار الهموم، والأحزان، بل قدوما إلى الله. وأما الكافر فيقول:
ربي ارجعون». وهذا بعد بشارة المؤمن برضا الله، ورضوانه، وبعد بشارة الكافر بغضب الله، وسخطه، وعذابه، فعن عائشة-رضي الله عنها-قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من أحبّ لقاء الله؛ أحبّ الله لقاءه، ومن كره لقاء الله؛ كره الله لقاءه». فقلت: يا نبيّ الله! أكراهية الموت، فكلّنا نكره الموت؟ قال:«ليس ذلك، ولكنّ المؤمن إذا بشّر برحمة الله ورضوانه وجنّته؛ أحبّ لقاء الله، فأحبّ الله لقاءه، وإنّ الكافر إذا بشّر بعذاب الله، وسخطه؛ كره لقاء الله، وكره الله لقاءه». رواه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وانظر ما ذكرته الآية رقم [١٠٨] الآتية.
{فِيما تَرَكْتُ} أي: ضيعت من عمري، وتركت العمل به من الطاعات. أو المعنى: أقول:
أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، وأعمل بطاعته. فيدخل فيه الأعمال البدنية، والمالية. {كَلاّ:} حرف ردع، وزجر، وانظر شرحها في الآية رقم [٧٩] من سورة (مريم) على نبينا، وعليها ألف صلاة، وألف سلام. {إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها:} المراد بالكلمة:
الطائفة من الكلام المنتظم بعضه مع بعض، وهو قوله: {رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ} ومعنى {هُوَ قائِلُها} أي: لا ينفك عنها، بل يقولها دائما؛ لا ستيلاء الحسرة، والندم عليه، وقيل: معناها: لو أجيب إلى ما يطلب من الرجعة إلى الدنيا؛ لما وفى بما يقول، كما قال تعالى في الآية رقم [٢٨] من سورة (الأنعام): {وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ} وذلك للحكم الأزلي في حقهم: أنهم أصحاب النار.
{وَمِنْ وَرائِهِمْ} أي: من أمامهم. {بَرْزَخٌ:} حائل، وحاجز بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا، وكل حاجز بين شيئين؛ فهو برزخ، والمراد به المدة التي تكون من حين الموت إلى البعث. هذا؛ وما يجري على ألسنة العوام (من أن البرزخ جب تحبس فيه الأرواح) لا أصل له، وإنما الروح لها تعلق بالجسد الذي خرجت منه، وإن فني، فلها تعلق بالقبر الذي دفن فيه الجسد ليصدق عليه قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم في نعيم القبر، وعذابه في أحاديث كثيرة أذكر منها ما يلي: عن عبد الله بن عمر-رضي