للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَرَبُّكُمْ:} هو مالكنا، ومالككم، ومتولي شئوننا وشئونكم. {وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ} العبادة. {وَلَنا أَعْمالُنا:} نجازى عليها. {وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ} تجزون عليها؛ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}. وتكرر هذا المعنى في كثير من الآيات، كقوله تعالى:

{وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمّا تَعْمَلُونَ،} وقال تعالى:

{وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى}.

هذا؛ والإخلاص حقيقته تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين. قال صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله تعالى يقول: أنا خير شريك، فمن أشرك معي شريكا؛ فهو لشريكي، يا أيّها الناس! أخلصوا أعمالكم لله تعالى، فإنّ الله تعالى لا يقبل إلاّ ما خلص له، ولا تقولوا: لله، وللرّحم، فإنّها للرّحم، وليس لله منها شيء». رواه الضحاك بن قيس الفهري؛ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فذكره. خرّجه الدارقطني. وقال رويم: الإخلاص في العمل هو أن لا يريد صاحبه عوضا في الدّارين، ولا حظّا من الملكين. وقال الجنيد رحمه الله تعالى: الإخلاص بين العبد وبين الله، لا يعلمه ملك، فيكتبه، ولا شيطان فيفسده، ولا هوى فيميله، وذكر أبو القاسم القشيري، وغيره عن النبي صلّى الله عليه وسلّم:

أنه قال: «سألت جبريل عن الإخلاص ما هو؟ فقال: سألت ربّ العزّة عن الإخلاص ما هو؟ قال: سرّ من أسراري، استودعته قلب من أحببته من عبادي». انتهى قرطبي.

هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (الزمر): {فَاعْبُدِ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (٢) أَلا لِلّهِ الدِّينُ الْخالِصُ}.

وقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «من فارق الدّنيا على الإخلاص لله وحده لا شريك له، وأقام الصّلاة، وآتى الزّكاة؛ فارقها؛ والله راض عنه». رواه ابن ماجة، والحاكم عن أنس-رضي الله عنه-.

الإعراب: {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: أنت. {أَتُحَاجُّونَنا} الهمزة: حرف استفهام إنكاري. ({تُحَاجُّونَنا}) فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعله، و (نا) مفعوله. {فِي اللهِ:} متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول، والجملة الفعلية: {قُلْ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها. {وَهُوَ:}

الواو: واو الحال، هو: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {رَبُّنا:} خبره، و (نا) في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {وَرَبُّكُمْ:}

معطوف على ما قبله، والكاف في محل جر بالإضافة... إلخ، والجملة الاسمية: {وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ:} في محل نصب حال من لفظ الجلالة، والرابط الواو، والضمير. {وَلَنا:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {أَعْمالُنا:} مبتدأ مؤخّر. و (نا): في محل جر بالإضافة، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، فهي مثلها في محل نصب حال، وأيضا الجملتان بعدها معطوفتان عليها، وإن اعتبرتها أحوالا متعددة؛ فلست مفنّدا. والجار والمجرور: {لَهُ} متعلقان ب‍ {مُخْلِصُونَ} بعدهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>