للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى ضرب مثلا: وضعه، ووصفه، وبينه. هذا؛ والمثل عبارة عن قول في شيء يشبه قولا في شيء آخر، بينهما مشابهة ليتبين أحدهما من الآخر، ويصوره، وقيل: هو تشبيه شيء بشيء آخر.

هذا؛ ومثل بفتح الميم والثاء يأتي بمعنى: الصفة، كما رأيت في الآية رقم [١٨] وأيضا الآية رقم [٣٥] من سورة (الرعد). هذا؛ وهو بكسر الميم وسكون الثاء، ومثله مثيل بمعنى: شبه وشبيه، فهو اسم متوغل في الإبهام، لا يتعرف بإضافته إلى الضمير، ولا إلى غيره من المعارف؛ ولذلك نعتت به النكرة في قوله تعالى حكاية عن قول فرعون وقومه: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ} ويوصف به المفرد، والمثنى، والجمع، والمذكر، والمؤنث، وتستعمل على ثلاثة، أوجه: الأول بمعنى: التشبيه كما رأيت، كقوله تعالى: {سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ،} والثاني بمعنى:

نفس الشيء وذاته كما في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} عند بعضهم؛ حيث قال: المعنى ليس كذاته شيء، والثالث زائدة، كما في قوله تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا} أي: بما آمنتم به.

هذا والمثل بفتح الميم والثاء هو: القول السائر بين الناس، والذي فيه غرابة من بعض الوجوه، والممثل بمضربه؛ أي: هو الحالة الأصلية التي ورد الكلام فيها، وما أكثر الأمثال في اللغة العربية، علما بأن ألفاظ الأمثال لا تغير، تذكيرا وتأنيثا، إفرادا وتثنية وجمعا، بل ينظر فيها دائما إلى مورد المثل، مثل (الصّيف ضيّعت اللّبن) فإنه يضرب لكل من فرط في تحصيل شيء في أوانه، ثم يطلبه بعد فواته. هذا؛ ويجمع مثل بكل معانيه على أمثال، كما في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ}.

{كَلِمَةً:} فيها ثلاث لغات؛ الأولى: كلمة على وزن نبقة، وهي الفصحى، ولغة أهل الحجاز، وبها نطق القرآن الكريم في آيات كثيرة، وجمعها: كلم كنبق، والثانية: كلمة على وزن سدرة، والثالثة: كلمة على وزن تمرة، وهما لغتا تميم، وجمع الأولى كلم كسدر، والثانية كلم كتمر، وكذلك كل ما كان على وزن فعل، نحو كبد وكتف، فإنه يجوز فيه اللغات الثلاث، فإن كان الوسط حرف حلق، جاز فيه لغة رابعة، وهي إتباع الأول للثاني في الكسر، نحو فخذ وشهد، وهي-أي: الكلمة-في الأصل: قول مفرد، مثل: محمد، وقام، وقعد، وفي، ولن، وقد تطلق على الجمل المفيدة، كما في قوله تعالى: {كَلاّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها} إشارة إلى قوله:

{رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ} [المؤمنون: ٩٩ - ١٠٠] وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد»: [الطويل]

ألا كلّ شيء-ما خلا الله-باطل... وكلّ نعيم-لا محالة-زائل

المراد ب‍: «كلمة» الشطر الأول بكامله، وتقول: قال فلان كلمة، والمراد بها كلام كثير، وهو شائع ومستعمل عربية في القديم والحديث، وانظر شرح الكلام في الآية رقم [٥٤] من سورة

<<  <  ج: ص:  >  >>