للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(يوسف) عليه السّلام، بعد هذا فالمراد بالكلمة كلمة: (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، وهي كلمة الإيمان، والمراد بالشجرة شجرة النخل، وبه قال ابن عباس، وابن مسعود، وأنس، ومجاهد وعكرمة، والضحاك-رضي الله عنهم أجمعين-.

عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-قال: كنا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «أخبروني عن شجرة شبه الرجل؟». أو قال: «كالرجل المسلم لا يتحاتّ ورقها، تؤتي أكلها كلّ حين؟». قال ابن عمر: فوقع في نفسي: أنها النخلة، ورأيت أبا بكر، وعمر لا يتكلمان، فكرهت أن أتكلّم، فلما لم يقولوا شيئا، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «هي النخلة». قال: فلمّا قمنا قلت لعمر: يا أبتاه والله لقد وقع في نفسي أنها النخلة! فقال: ما منعك أن تتكلم؟! قلت: فلم أركم تتكلمون، فكرهت أن أتكلّم، أو أقول شيئا. فقال عمر: لأن تكون قلتها أحبّ إليّ من كذا وكذا-. متفق عليه. انتهى. خازن.

وعن أنس-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «إنّ مثل الإيمان كمثل شجرة ثابتة، الإيمان عروقها، والصّلاة أصلها، والزّكاة فروعها، والصّيام أغصانها، والتّأذّي في الله نباتها، وحسن الخلق ورقها، والكفّ عن محارم الله ثمرتها». انتهى. قرطبي. وعنه صلّى الله عليه وسلّم: «مثل المؤمن كالنخلة، إن صاحبته نفعك، وإن جالسته نفعك، وإن شاورته نفعك، كالنخلة كلّ شيء منها ينتفع به، وقال: كلوا من عمّتكم». يعني النخلة. ويروى عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «أكرموا عمّاتكم النخل فإنّهنّ المطعمات في المحل».

{أَصْلُها ثابِتٌ} أي: جذورها متشعبة في الأرض وثابتة وقوية، وكذلك الإيمان في قلب المؤمن ثابت وراسخ. {وَفَرْعُها فِي السَّماءِ} أي: فروعها باسقة ومرتفعة إلى أعلى، وكذلك الإيمان، كما ستعرفه في الآية التالية.

الإعراب: {أَلَمْ تَرَ:} انظر الآية رقم [١٩] {كَيْفَ:} اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال من {مَثَلاً} تقدم عليه، وعلى العامل. التقدير: ألم تر ضرب الله مثلا حال كونه مسئولا عن حاله من غرابته وإحكامه وغير ذلك. والاستفهام معلق للفعل قبله عن العمل لفظا.

{ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً:} ماض وفاعله ومفعوله. {كَلِمَةً:} بدل من {مَثَلاً}. {طَيِّبَةً:} صفة {كَلِمَةً:} {كَشَجَرَةٍ:} متعلقان بمحذوف صفة ثانية ل‍: {كَلِمَةً،} وهذا على اعتبار {ضَرَبَ} متعديا لمفعول واحد، وقد رأيت شرحه ومعناه، فإن كان بمعنى: صير، فهو متعد لاثنين:

{كَلِمَةً} المفعول الأول و {مَثَلاً} المفعول الثاني تقدم على الأول، بمعنى: جعلها مثلا، وعلى هذا {كَشَجَرَةٍ} خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هي كشجرة طيبة، كما قاله ابن عطية، وأجازه الزمخشري، ولكنه بدأ بالأول. انتهى. جمل نقلا عن كرخي. والجملة: {كَيْفَ..}. إلخ في محل نصب سدت مسد مفعولي الفعل قبلها، وجملة: {أَلَمْ تَرَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>