الموت باب وكلّ النّاس داخله... فليت شعري بعد الباب ما الدّار
الدّار جنّة عدن إن عملت بما... يرضي الإله وإن خالفت فالنّار
روى ابن أبي حاتم عن عليّ-رضي الله عنه-قال: لمّا توفّي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم. وجاءت التّعزية، جاءهم آت يسمعون حسّه، ولا يرون شخصه، فقال: السّلام عليكم أهل البيت، ورحمة الله وبركاته:{كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ} إنّ في الله عزاء من كلّ مصيبة، وخلفا من كلّ هالك، ودركا من كلّ فائت، فبالله ثقوا، وإيّاه فارجوا، فإنّ المصاب من حرم الثواب، والسّلام عليكم، ورحمة الله، وبركاته. قال جعفر الصّادق-رحمه الله تعالى- فأخبرني أبي: أنّ علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-، قال: أتدرون من هذا؟ هذا الخضر عليه السّلام.
{فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النّارِ:} أبعد، وجنّب النّار. {وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ} أي: نجا من النّار، وظفر برضا الله، ورضوانه. هذا؛ والفعل «زحزح» يكون لازما ومتعديا، قال الشاعر في اللازم:[الطويل]
خليليّ ما بال الدّجى لا يتزحزح... وما بال ضوء الصّبح لا يتوضّح؟
وقال ذو الرّمّة في المتعدي:[البسيط]
يا قابض الرّوح عن جسم عصا زمنا... وغافر الذّنب زحزحني عن النّار
وروى النّسائيّ عن أبي هريرة-رضي الله عنه-عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال:«من صام يوما في سبيل الله؛ زحزح الله وجهه عن النّار سبعين خريفا».
{وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ مَتاعُ الْغُرُورِ} أي: إنّ العيش في هذه الدّار الفانية يغرّ الإنسان بما يمنيه من طول البقاء، وسينقطع عن قريب. قال سعيد بن جبير-رحمه الله تعالى-هي متاع الغرور لمن لم يشتغل بطلب الآخرة، فأمّا من اشتغل بطلب الآخرة، فهي له متاع، وبلاغ إلى ما هو خير منها، وهذا بضم الغين، وهو بفتح الغين: الشيطان، كما في قوله تعالى:{وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ} ومن قول العوام-وليس بشيء-: الغرور: ما تحمله المرأة أيام حيضها، أو نفاسها، ثم تلقيه في أماكن معروفة، وخذ ما يلي:
عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: قال الله عز وجل: «أعددت لعبادي الصّالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، اقرءوا إن شئتم:
{فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ»}. أخرجه البخاريّ، وزاد الترمذي:«وفي الجنّة شجرة يسير الرّاكب في ظلّها مائة عام لا يقطعها، واقرءوا إن شئتم:{وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}. وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا، وما فيها، واقرءوا إن شئتم:{فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النّارِ..}. إلخ».