للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخوار: الضعف، قيل: إنه خار مرة واحدة، وقيل إنه كان يخور كثيرا، وكلما خار سجدوا له، وإذا سكت رفعوا رءوسهم، قيل: كان يسمع منه الخوار ولا يتحرك. وقيل: كان يخور ويمشي، وسيأتي بسط ذلك في سورة (طه) إن شاء الله تعالى. هذا؛ وقرئ «(جوار)» وهو الصوت الشديد.

{أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ..}. إلخ، هذا توبيخ للذين عبدوا العجل، والصحيح أن بعضهم عبدوه، وقد خرج الكلام على الأغلب، والمعنى: ألم ينظروا، أو ألم يعلموا حين اتخذوه إلها أنه لا يقدر على كلام، ولا على إرشاد، ومن كان كذلك كان جمادا، أو حيوانا ناقصا عاجزا لا يصالح للعبادة.

وانظر (الكلام) في الآية رقم [١٤٣] و {سَبِيلاً} في الآية رقم [١٤٢]. {اِتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ} أي: لأنفسهم حيث أعرضوا عن عبادة الله تعالى، واشتغلوا بعبادة العجل الذي لا يضر ولا ينفع، ولا يأمر بمعروف ولا ينهى عن المنكر. هذا؛ وانظر الظلم في الآية رقم [٦/ ١٤٦] وانظر إعلال: {يَرَوْا} في الآية رقم [١٤٣].

الإعراب: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ:} فعل، وفاعل، و {قَوْمُ:} مضاف، و {مُوسى:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر. {مِنْ بَعْدِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وإن اعتبرت {مِنْ} صلة، فيكون {بَعْدِهِ} ظرفا متعلقا بالفعل قبله، والمعنى لا يأباه، والهاء في محل جر بالإضافة. {مِنْ حُلِيِّهِمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما أيضا، وإن اعتبرتهما متعلقين بمحذوف حال من {عِجْلاً،} كان صفة له، فلما قدم عليه صار حالا، فلست مفندا؛ والهاء في محل جر بالإضافة. {عِجْلاً:} مفعول به. {جَسَداً:} بدل مما قبله، والمفعول الثاني محذوف، تقديره: إلها. {لَهُ:} متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {خُوارٌ:} مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية صفة {جَسَداً} وقيل: صفة: {عِجْلاً،} والأول أقوى عندي؛ لأن الثاني يقتضي أن يكون {جَسَداً} صفة: {عِجْلاً،} واعتباره بدلا أرجح. {أَلَمْ:} الهمزة: حرف استفهام وتوبيخ. (لم): حرف جازم. {يَرَوْا:} مضارع مجزوم ب‍: (لم...) إلخ، والواو فاعله. {أَنَّهُ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها، وجملة: {لا يُكَلِّمُهُمْ} في محل رفع خبر (أنّ)، و (أنّ) واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل نصب سد مسد مفعول، أو مفعولي الفعل قبله، وجملة: {وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً} معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع خبر مثلها، وجملة (اتخذ...) إلخ قال الجمل: عطف قصة على قصة. ولا أرى وجها لذلك.

فالأولى اعتبارها مستأنفة، وكذلك جملة {أَلَمْ يَرَوْا..}. إلخ مستأنفة، أو معترضة بين المؤكّد والمؤكّد، وهي جملة: {اِتَّخَذُوهُ} مع المفعول الثاني المحذوف، وهو (إلها) (كانوا): ماض ناقص، والواو اسمه، والألف للتفريق. {ظالِمِينَ:} خبر (كان) منصوب... إلخ، وجملة (كانوا...) إلخ في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير، و «قد» قبلها مقدرة؛ لتقرب الماضي من الحال. تأمل، وتدبر وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>