للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وداء عضال: أي: شديد عسر البرء، أعيا الأطباء. هذا؛ وفي قوله تعالى: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ..}. إلخ دليل قويّ للشّافعي، وموافقيه: أن المرأة لا تتولى نكاح نفسها، ولو كانت ثيبا، وبنت خمسين سنة، وقد ذكرته في الآية رقم [٢٢١]. {إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} أي: إذا تراضى الأزواج، والزّوجات المطلّقات. والمعروف هنا: ما وافق الشّرع من عقد حلال بشروطه: مهر... إلخ، وقيل: هو أن يرضى كلّ منهما، ويتعهّد بما التزمه لصاحبه بحقّ العقد؛ حتّى تحصل الصّحبة الحسنة، والعشرة الجميلة. هذا؛ وفي واو الجماعة تغليب الذّكور على الإناث.

{ذلِكَ:} إشارة إلى الأحكام المذكورة. {يُوعَظُ بِهِ} أي: ينتفع به، ويهتدي إلى طريق السداد، وهم المؤمنون بالله واليوم الآخر. هذا؛ وأفرد {ذلِكَ} ولم يقل: ذلكم؛ لأنّه محمول على معنى الجمع بدليل ما بعدها. {ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ} أي: الاتّعاظ بما ذكر، والتمسّك بأوامر الله، خير، وأنفع لكم، وأطهر من الآثام، وأوضار الذّنوب، والمعاصي. {وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} أي: والله يعلم ما هو أصلح لكم من الأحكام والشّرائع، وأنتم لا تعلمون ذلك، فامتثلوا أمره تعالى، ونهيه في جميع ما تأتون، وما تذرون.

قال الإمام الفخر الرازي-رحمه الله تعالى-: الحكمة في إثبات حقّ الرّجعة: أنّ الإنسان ما دام مع صاحبه لا يدري هل تشق عليه المفارقة، أو لا؟ فإذا فارقه؛ فعند ذلك تظهر، فلو جعل الله الطلقة الواحدة مانعة من الرّجوع؛ لعظمت المشقّة على الإنسان؛ إذ قد تظهر المحبّة بعد المفارقة، ثمّ لما كان كمال التّجربة لا يحصل بالمرّة الواحدة؛ أثبت الله تعالى حقّ المراجعة مرّتين، وهذا يدلّ على كمال رحمته تعالى، ورأفته بعباده!. انتهى. صفوة التفاسير.

الإعراب: {وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ:} انظر إعراب مثل هذا الكلام في الآية السابقة. {أَنْ:} حرف مصدري، ونصب. {يَنْكِحْنَ:} فعل مضارع مبني على السكون في محل نصب ب‍ {أَنْ،} ونون النسوة في محل رفع فاعل، و {أَنْ} والمضارع في تأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف عند الخليل، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما، التقدير:

فلا تعضلوهن من نكاح أزواجهنّ، وهو في محل نصب بنزع الخافض عند سيبويه. {إِذا:}

ظرف زمان متعلق بالفعل قبله، مبني على السكون في محل نصب. {تَراضَوْا:} فعل ماض مبني على فتح مقدّر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع واو الجماعة؛ الّتي هي فاعله، والألف للتفريق. {بَيْنَهُمْ:} ظرف مكان متعلّق بالفعل قبله، والهاء في محل جر بالإضافة. {بِالْمَعْرُوفِ:}

متعلقان بمحذوف حال من واو الجماعة، أو بمحذوف صفة مصدر محذوف، التقدير: تراضوا تراضيا كائنا بالمعروف، وجملة: {تَراضَوْا..}. إلخ في محل جر بإضافة: {إِذا} إليها، وإن اعتبرتها شرطية؛ فجوابها محذوف لدلالة ما قبله عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>