للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ..}. إلخ في هذا أقوال:

أحدها: وهو قول عليّ، وابن عبّاس-رضي الله عنهم-: أنّ المراد به يوم القيامة بدليل عطفه على ما قبله.

الثاني: أنّ هذا في الدنيا، والمعنى: أنّ حجّة المؤمنين غالبة في الدّنيا على الكافرين.

الثالث: معناه: إنّ الله لم يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا بأن يمحو دولة المؤمنين بالكلّية؛ حتى يستبيحوا بيضتهم، فلا يبقى أحد من المؤمنين، كما في صحيح مسلم-رحمه الله تعالى-من حديث ثوبان-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «وإنّي سألت ربّي ألاّ يهلك أمّتي بسنة عامة، وألاّ يسلّط عليهم عدوّا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، وإنّ ربّي قال: يا محمّد! إنّي قضيت قضاء، فإنّه لا يردّ، وإنّي أعطيتك لأمتك ألاّ أهلكهم بسنة عامة، وألاّ أسلّط عليهم عدوّا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها، حتّى يكون بعضهم يهلك بعضا، ويسبي بعضهم بعضا».

الرابع: إنّ شريعة الإسلام باقية إلى يوم القيامة، ولا تتغلب عليها شريعة ما.

الخامس: إنّ الله سبحانه لا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا إلا أن يتركوا الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ويتركوا أوامر الله تعالى، ويهملوا سنّة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، كما قال الله تعالى: {وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}. والأحاديث الشريفة كثيرة في ذلك، وأكتفي بما يلي:

عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-قال: أقبل علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «يا معشر المهاجرين! خمس خصال إذا ابتليتم بهنّ-وأعوذ بالله أن تدركوهنّ-: لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ؛ حتّى يعلنوا بها إلاّ فشا فيهم الطّاعون، والأوجاع الّتي لم تكن في أسلافهم؛ الّذين مضوا.

ولم ينقصوا المكيال، والميزان إلاّ أخذوا بالسّنين، وشدّة المئونة، وجور السّلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلاّ منعوا القطر من السّماء، ولولا البهائم؛ لم يمطروا. ولم ينقضوا عهد الله، وعهد رسوله إلاّ سلّط الله عليهم عدوّا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم يحكم أئمّتهم بكتاب الله تعالى، ويتخيّروا فيما أنزل الله إلاّ جعل بأسهم بينهم». رواه ابن ماجة، والبيهقيّ.

ويتفرّع عما تقدّم مسائل؛ منها: أنّ الكافر لا يرث المسلم. ومنها: أنّ الكافر لا يتزوّج مسلمة. واستئجار الكافر المسلم لعمل فيه أمر، ونهي مكروه.

الإعراب: {الَّذِينَ:} انظر مثله في الآية رقم [١٣٩]. والجملة الفعلية: {يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ} صلة الموصول، لا محلّ لها. {فَإِنْ:} الفاء: حرف تفريع، واستئناف. {كانَ:} فعل ماض ناقص

<<  <  ج: ص:  >  >>