للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقّ من حقوق العباد. والسّيّئة: ما كانت بخلاف ذلك. وقيل: الشفاعة الحسنة، هي الدعوة للمسلم؛ لأنّها في معنى الشفاعة إلى الله، فعن أم الدّرداء-رضي الله عنها-قالت: حدّثني سيدي: أنّه سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إذا دعا الرّجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة: ولك بمثل ذلك». رواه مسلم، وأبو داود.

وعن أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه-قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جالسا، فجاء رجل يسأل، فأقبل علينا بوجهه، وقال: «اشفعوا؛ تؤجروا، ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء». متّفق عليه.

هذا؛ و (الكفل): النصيب، قال تعالى في آخر سورة (الحديد): {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ..}. إلخ. والشّافع يؤجر فيما يجوز، وإن لم يشفّع؛ لأنّ الله تعالى قال: {مَنْ يَشْفَعْ،} ولم يقل: يشفّع، ورحم الله من قال في الشّكر على المعروف سلفا: [البسيط]

لأشكرنّك معروفا هممت به... إنّ اهتمامك بالمعروف معروف

ولا ألومك إن لم يجره قدر... فالشّيء بالقدر المقدور مصروف

{وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً} أي: قادرا مقتدرا، قال الزّبير بن عبد المطلب-ولم يدرك النبوة-: [الوافر]

وذي ضغن نفيت السّوء عنه... وكنت على إساءته مقيتا

أي: قديرا، فالمعنى: أنّ الله تعالى يعطي كلّ إنسان قوته، ومنه قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «كفى بالمرء إثما أن يضيّع من يقيت» وفي رواية: (من يقوت). رواه أبو داود، والنسائي، والحاكم عن عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما-وأمّا قول السّموءل بن عادياء اليهودي: [الخفيف]

ألي الفضل أم عليّ إذا حو... سبت إنّي على الحساب مقيت

فقال فيه الطبري: إنّه من غير هذا المعنى المتقدّم، وإنّه بمعنى: الموقوف. هذا؛ وفي الآية الكريمة فن المقابلة، كما في الآية رقم [٧٦] وهذه من المحسّنات البديعيّة، وهي أن يؤتى بمعنيين، أو أكثر، ثمّ يؤتى بما يقابل ذلك على الترتيب. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {مَنْ:} اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يَشْفَعْ:} فعل مضارع فعل الشرط، والفاعل يعود إلى: {مَنْ} تقديره: هو. {شَفاعَةً:} مفعول مطلق.

{حَسَنَةً:} صفة: {شَفاعَةً}. {يَكُنْ:} فعل مضارع ناقص جواب الشرط مجزوم. {لَهُ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر: {يَكُنْ} مقدّم. {نَصِيبٌ:} اسمه مؤخّر. {مِنْها:} جار ومجرور متعلقان ب‍ {نَصِيبٌ} أو بمحذوف صفة له، وجملة: {يَكُنْ..}. إلخ: لا محلّ لها؛ لأنّها

<<  <  ج: ص:  >  >>