للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنّ للخير وللشّرّ مدى... وكلا ذلك وجه وقبل

ويجوز مراعاة لفظ كلا وكلتا في الإفراد، كما في هذه الآية، ومراعاة معناهما كما في الآية التالية، وقد جمع الفرزدق بينهما في قوله: [البسيط]

كلاهما حين جدّ السّير بينهما... قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي

ففي قوله «أقلعا» راعى معنى «كلا»، وفي قوله: «رابي» راعى لفظها، وهو الإفراد. هذا؛ وإن أضيفا إلى الاسم الظاهر أعربا بحركات مقدرة على الألف كالاسم المقصور، وإن أضيفا إلى الضمير أعربا إعراب المثنى بالإلحاق، علما بأن لفظ {كِلْتَا} لم يرد في غير هذه الآية، ولفظ «كلا» لم يرد في غير آية الإسراء رقم [٢٣] أما في الشعر فلفظ «كلا» كثير، ومنه البيتان المذكوران، وأما لفظ «كلتا» فخذه في قول حسان-رضي الله عنه-: [الكامل]

إن التي ناولتني فرددتها... قتلت قتلت، فهاتها لم تقتل

كلتاهما حلب العصير فعاطني... بزجاجة أرخاهما للمفصل

الإعراب: {كِلْتَا:} مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف، و {كِلْتَا:} مضاف، و {الْجَنَّتَيْنِ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء... إلخ. {آتَتْ:} ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع تاء التأنيث التي هي حرف لا محل له، والفاعل مستتر تقديره: «هي» يعود إلى لفظ {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ} والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ. والجملة الاسمية: {كِلْتَا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {وَلَمْ:} الواو: حرف عطف. لم: حرف نفي، وقلب، وجزم. {تَظْلِمْ:} مضارع مجزوم ب‍: (لم)، والفاعل يعود إلى لفظ {كِلْتَا} أيضا. {مِنْهُ:}

متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {شَيْئاً} كان صفة له على نحو ما رأيت في الآية رقم [٩] {شَيْئاً:} مفعول به وأجيز اعتباره نائب مفعول مطلق، والأول: أولى، وجملة:

{وَلَمْ تَظْلِمْ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، فهي في محل رفع مثلها. هذا؛ وإن اعتبرتها في محل نصب حال من فاعل {آتَتْ} المستتر؛ فلست مفندا، ويكون الرابط: الواو، والضمير.

{وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً} الشرح: {وَفَجَّرْنا:} أجرينا، وشققنا، وهو يقرأ بالتشديد والتخفيف، انظر الآية رقم [٩٠ و ٩١] من سورة (الإسراء). {خِلالَهُما:} وسطهما. {نَهَراً:} ليدوم شرب الجنتين، فإن الماء سبب لإنعاش النبات على جميع أنواعه، ويزيد الأرض جمالا وبهاء. هذا؛ و (نهر) بفتح الهاء لغة في النّهر، ونهر في قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَنَهَرٍ} هو في معنى الجمع؛ أي: أنهار. هذا؛ و «نهر» يجمع على أنهار، وأنهر، ونهر، ونهور. هذا؛ وانظر «نا» في الآية رقم [٢٣] من سورة (الحجر).

<<  <  ج: ص:  >  >>