للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحسن، والحسين وذريّتهما فقط، دليلنا الآية الكريمة، وقوله تعالى: {وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ} الآية التالية، وقوله تعالى في سورة (غافر) رقم [٤٦]: {وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ} أي: آل دينه وملته؛ إذ لم يكن له ذرية، ولا أب، ولا عم، ولا أخ، ولا عصبة، ولأنه لا خلاف: أنّ من ليس بمؤمن ولا موحّد فإنّه ليس من آل محمد، وإن كان قريبا له، ولأجل هذا يقال: إنّ أبا لهب، وأبا جهل ليسا من أهله، ولا من أهل ملّته، وإن كان بينهما، وبين النّبيّ قرابة، ولأجل هذا قال تعالى في ابن نوح: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ} وفي صحيح مسلم عن عمرو بن العاص، قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جهارا غير سرّ يقول: «ألا إن آل أبي-يعني: فلانا-ليسوا منّي».

هذا و {فِرْعَوْنَ} قال الجمل: قال المسعودي: ولا يعرف لفرعون تفسير في العربيّة، وظاهر كلام الجوهري: أنه مشتقّ من معنى «العتوّ» فإنه قال: والفراعنة: العتاة، وقد تفرعن، وهو ذو فرعنة؛ أي: دهاء، ومكر.

قال الزمخشري في الكشاف: وفرعون علم لمن ملك العمالقة في مصر، كقيصر لملك الروم، وكسرى لملك الفرس، ولعتوّ الفراعنة اشتقوا: تفرعن فلان إذا عتا، وتجبّر، وفي ملح بعضهم: [الكامل]

قد جاءه الموسى الكلوم فزاد في... أقصى تفرعنه وفرط عرامه

هذا، والموسى: ما يحلق به شعر الرأس، والكلوم: فعول من: الكلم، وهو الجرح، والعرام: الشر، والخبث. وضمير (جاءه) راجع إلى ذكر الصّبيّ، وهذا كناية عن الختان، وبه النمو، والفتوة، لا كناية عن حلق العانة، كما قيل. قال المولى سعد الدين: وهذا مع وضوحه، وشهرته فقد خفي؛ حتى قيل: إنّه كناية عن حلق العانة.

وكان فرعون موسى مصعب بن الرّيان. وقيل: ابنه الوليد من بقايا قوم عاد، وفرعون يوسف -على نبينا، وعليهم جميعا ألف صلاة، وألف سلام-ريان بن الوليد، وبينهما أكثر من أربعمائة سنة، وكان فرعون موسى قد عاش ستمائة وعشرين سنة، ولم ير مكروها قط، ولو حصل له في تلك المدّة جوع يوم، أو وجع يوم، أو حمّى يوم؛ لما ادّعى الرّبوبية. وقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم:

«فرعوني أشدّ من فرعون موسى». يريد: أبا جهل. {يَسُومُونَكُمْ:} يذيقونكم، من: سامه خسفا:

إذا أولاه ظلما، أو أذاقه قهرا، قال عمرو بن كلثوم في معلّقته رقم [١٠٨]: [الوافر]

إذا ما الملك سام النّاس خسفا... أبينا أن نقرّ الخسف فينا

وقيل: معناه: يديمون تعذيبكم. والسّوء: كل ما يغمّ الإنسان من أمر دنيويّ، أو أخرويّ، وهو في الأصل مصدر، ويؤنث بالألف كما في قوله تعالى: {ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ}

<<  <  ج: ص:  >  >>