يكن من جنسه. هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (آل عمران) رقم [٩١]: {فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ} وقال في سورة (يونس) رقم [٥٤]: {وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما فِي الْأَرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ} وقال تعالى في سورة (الرّعد) رقم [١٨]: {لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ} ومثلها في سورة (الزمر) رقم [٤٧] وقال تعالى في سورة (المائدة) رقم [٣٦]:
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ،} وقال تعالى في سورة (الحديد) رقم [١٥]: {فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا،} وقال تعالى في سورة (الأنعام) رقم [٧٠]: {وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها}.
{وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ} أي: يعانون، والنّصر: العون، والأنصار: الأعوان، ومنه قوله تعالى حكاية عن قول عيسى-على نبيّنا وعليه ألف صلاة وألف سلام-: {مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ} أي:
من يعينني، ومن يضمّ نصرته إلى نصرتي؟.
وكان سبب نزول هذه الآية فيما ذكروا: أن بني إسرائيل قالوا: نحن أبناء الله وأحباؤه، وأبناء أنبيائه، وسيشفع لنا آباؤنا، فأعلمهم الله تعالى: أنّ يوم القيامة لا تقبل فيه شفاعات، ولا يؤخذ فيه فديه. وإنّما خص الشفاعة، والفدية، والنصر بالذّكر؛ لأنها هي المعاني التي اعتادها بنو آدم في الدنيا، فإن الواقع في الشدّة لا يتخلص من شدته إلا بأن يشفع له، أو ينصر، أو يفتدى. انتهى قرطبي. هذا؛ وجمع الضمير في آخر الآية، وهو يعود على النفس؛ لأنّ المراد بها جنس الأنفس، وإنما عاد الضمير مذكرا، وإن كانت النّفس مؤنثة؛ لأن المراد بها العباد، والأناسيّ. انتهى جمل نقلا من السّمين.
الإعراب:({اِتَّقُوا}): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق.
{يَوْماً:} مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها في الآية السابقة، لا محل لها مثلها.
{لا:} نافية. {تَجْزِي:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمّة مقدّرة على الياء للثقل.
{نَفْسٌ:} فاعله. {عَنْ نَفْسٍ:} متعلقان بالفعل قبلهما. وقيل: متعلقان بمحذوف حال من {شَيْئاً} ولا وجه له. {شَيْئاً} مفعول به، وجملة:{لا تَجْزِي:} في محل نصب صفة {يَوْماً} ورابط الصفة محذوف، التقدير: لا تجزي فيه... إلخ. {وَلا:} الواو: حرف عطف. ({لا}):
نافية. {يُقْبَلُ:} فعل مضارع مبني للمجهول. {مِنْها:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من:{شَفاعَةٌ} كان نعتا له، فلما قدم عليه صار حالا، على القاعدة:«نعت النكرة إذا تقدم عليها يعرب حالا». {شَفاعَةٌ:} نائب فاعل {يُقْبَلُ،} والجملة الفعلية معطوفة على جملة: {لا تَجْزِي..}. إلخ، فهي في محل نصب مثلها، والتي بعدها معطوفة عليها، وهي مثلها إعرابا، ومحلاّ. {وَلا:} الواو: حرف عطف. ({لا}): نافية. {هُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يُنْصَرُونَ:} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع،