أحسن إلى يتيمة، أو يتيم عنده، كنت أنا وهو في الجنة كهاتين». وفرق بين أصبعيه: السبابة والوسطى. رواه الإمام أحمد.
ولم يفته صلّى الله عليه وسلّم أن رغب المرأة المتوفى عنها زوجها أن تقعد على يتاماها، ووعدها، وبشرها بالثواب العميم، والأجر الكبير. وخذ ما يلي: فعن عوف بن مالك الأشجعي-رضي الله عنه-:
أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«أنا وامرأة سفعاء الخدّين كهاتين يوم القيامة-وأومأ بيده يزيد بن زريع بالوسطى، والسبابة-امرأة آمت من زوجها، ذات منصب وجمال، فحبست نفسها على يتاماها؛ حتى باتوا، أو ماتوا». رواه أبو داود.
وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أنا أول من يفتح باب الجنة، إلاّ أني أرى امرأة تبادرني، فأقول لها: مالك؟ ومن أنت؟ فتقول: أنا امرأة قعدت على أيتام لي». رواه أبو يعلى، وأما أكل مال اليتيم بغير حق؛ فقد صرحت بعقوبته آية النساء رقم [١٠].
{وَأَمَّا السّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} أي: لا تزجره، ولكن ردّه ببذل اليسير، أو قول جميل. قال تعالى في سورة (البقرة) رقم [٢٦٣]: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً}. وروي عن أبي هريرة-رضي الله عنه-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«لا يمنعنّ أحدكم السائل، وأن يعطيه إذا سأل، ولو رأى في يده قلبين من ذهب». القلب بضم وسكون: السوار. وقال إبراهيم بن أدهم: نعم القوم السّؤّال يحملون زادنا إلى الآخرة. وقال إبراهيم النخعي: السائل بريد الآخرة، يجيء إلى باب أحدكم، فيقول: هل تبعثون إلى أهليكم بشيء؟
وقيل: السائل هو طالب العلم، فيجب إكرامه، وإنصافه بمطلوبه، ولا يعبس في وجهه، ولا ينهر، ولا يتلقى بمكروه، وكان أبو الدرداء-رضي الله عنه-ينظر إلى أصحاب الحديث، ويبسط رداءه لهم، ويقول: مرحبا بأحبة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
{وَأَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} أي: انشر ما أنعم الله عليك بالشكر، والثناء. والتحدث بنعم الله، والاعتراف بها شكر. والخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، والحكم عام له، ولغيره. وعن الحسن بن علي -رضي الله عنهما-قال:(إذا أصبت خيرا، أو علمت خيرا؛ فحدّث به الثقة من إخوانك). وقال بكر بن عبد الله المزني-رضي الله عنه-. قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«من أعطي خيرا، فلم ير عليه؛ سمّي:
بغيض الله، معاديا لنعم الله». وروى الشعبي عن النعمان بن بشير-رضي الله عنهما-. قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من لم يشكر القليل؛ لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس؛ لم يشكر الله، والتحدّث بالنعم شكر، وتركه كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب». رواه البغوي بإسناد الثعلبي. وعن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من أعطي عطاء فليجز به؛ إن وجد، فإن لم يجد؛ فليثن عليه، فإنّ من أثنى عليه؛ فقد شكره، ومن كتمه؛ فقد كفره، ومن تحلّى بما لم يعط؛ كان كلابس ثوبي زور». أخرجه الترمذي، وروى النسائي عن