للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكم، والمواعظ، من: زبرت الشيء: إذا حبسته. وقيل: (الزبور): المواعظ، والزواجر، من: وعظته إذا زجرته، وانظر أوجه الإعراب يتضح لك المعنى. {وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ:}

الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، والمراد ب‍: {الذِّكْرَ} القرآن، وإنما سماه الله ذكرا؛ لأن فيه مواعظ، وتنبيها للغافلين، وانظر الآية رقم [٩] من سورة (الحجر) ففيها ما يسرك، ويثلج صدرك.

{لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} أي: ما أجمل إليك من أحكام القرآن، وبيان الكتاب يطلب من السنة، والمبيّن لذلك المجمل هو الرسول صلّى الله عليه وسلّم؛ أي: ما فيه من الأحكام، والوعد بقوله، وفعله.

وكذلك مبين لما أجمله الله في كتابه من أحكام الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وخاب الذين يقولون: لا نأخذ إلا بما في القرآن، وكيف يفهمون القرآن، ويعملون بتعاليمه، ويقومون بالتكاليف الإلهية إذا لم يأخذوا بالأحاديث النبوية، وخاب الذين يأخذون برواية بعض الصحابة، ويرفضون رواية الكثيرين منهم، فمثلهم كمثل من يؤمن ببعض الكتاب، ويكفر ببعضه. وانظر:

{لِتُبَيِّنَ} في الآية رقم [٤٥] من سورة (إبراهيم) عليه السّلام، وانظر الآية [٨٩] الآتية. {وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} أي: فيما أنزل إليهم فيعملون به، وانظر مثل هذا الترجي في الآية [٢] من سورة (الرعد) وانظر «التفكر» في الآية رقم [٣] منها أيضا، وانظر شرح: {النّاسِ} في الآية رقم [٣٨] من سورة (يوسف) على نبينا، وعليه، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ألف صلاة، وألف سلام.

الإعراب: {بِالْبَيِّناتِ:} متعلقان بالفعل {أَرْسَلْنا،} أو بمحذوف صفة {رِجالاً} أي: رجالا ملتبسين بالبينات، أو بالفعل {نُوحِي،} أو ب‍: {لا تَعْلَمُونَ} على أن الشرط في معنى التبكيت والإلزام، كقولك: إن كنت عملت لك فأعطني حقي، أو بفعل محذوف يقع جوابا لسؤال مقدر، كأنه قيل: بم أرسلوا؟ قيل: أرسلوا بالبينات. انتهى. جمل بتصرف كبير. وعلى الاعتبارات الثلاثة الأول: فالجملة: {فَسْئَلُوا أَهْلَ..}. إلخ معترضة لا محل لها والتعليق بفعل محذوف هو قول ابن هشام في المغني، وأضيف: أنه أجيز أيضا تعليقهما بمحذوف حال من الضمير في:

{إِلَيْهِمْ}. {وَالزُّبُرِ:} معطوف على ما قبله. (أنزلنا): فعل، وفاعل. {إِلَيْكَ:} متعلقان بما قبلهما. {الذِّكْرَ:} مفعول به. {لِتُبَيِّنَ:} مضارع منصوب ب‍: «أن» مضمرة بعد لام التعليل، والفاعل مستتر، تقديره: «أنت» و «أن» المضمرة والمضارع في تأويل مصدر في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل: أنزلنا. {لِلنّاسِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به، والجملة الفعلية: {نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} صلة {ما،} أو صفتها، والعائد، أو الرابط: رجوع نائب الفاعل إليها، وجملة:

{وَأَنْزَلْنا..}. إلخ معطوفة على جملة: {وَما أَرْسَلْنا..}. إلخ لا محل لها مثلها. {وَلَعَلَّهُمْ:} الواو:

حرف عطف. (لعلهم): حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمه، وجملة: {يَتَفَكَّرُونَ} في محل رفع خبر لعل، والجملة الاسمية معطوفة على {لِتُبَيِّنَ،} فهي مفيدة للتعليل أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>