للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{اِثْنَيْنِ} أي: صنفين، قال أبو عبيدة: الزوج واحد، ويكون اثنين، وقال الفراء: يعني بالزوجين هاهنا: الذكر والأنثى، وقيل: معنى زوجين نوعان، كالحلو والحامض، والرطب واليابس، والأبيض والأسود، والصغير والكبير. هذا؛ والزوج ما معه آخر من جنسه يزاوجه، ويحصل منهما النسل، فيطلق لفظ الزوج على المفرد إذا كان معه آخر من جنسه لا ينفك عنه، ويحصل منهما النسل، كما في إطلاقه على الرجل المتزوج والمرأة المتزوجة، وكذا يطلق على الاثنين، فهو مشترك بين المعنيين، والمراد هنا الإطلاق الأول، كما في الآية رقم [١٤٣] من سورة (الأنعام).

والزوج يطلق على الرجل والمرأة، والقرينة تبين الذكر من الأنثى، ويقال لها أيضا: زوجة، وحذف التاء منها أفصح إلا في علم المواريث، فإنها بالتاء أفصح لتوضيح الوارث، هذا؛ والزوج القرين قال تعالى في الآية رقم [٢٢] من سورة (الصافات): {اُحْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللهِ} والزوج ضد الفرد، وكل واحد منهما يسمى زوجا أيضا، يقال للاثنين: هما زوجان، كما يقال: هما سيّان، وهما سواء، وقال تعالى في الآية رقم [٤٠] من سورة (هود) -على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: {قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} أي: من كل نوع من أنواع المخلوقات ذكرا وأنثى، وقال تعالى في آية الأنعام: {ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ..}. إلخ والمعنى ثمانية أفراد.

{يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ} أي: يغطي الليل النهار ويستره بظلمته، فيصير الجو مظلما بعد أن كان مضيئا، وهذا مشاهد كل يوم ولم يذكر عكسه للعلم به، أو لأن اللفظ يحتملهما، أي: الظلمة والإضاءة، ولذلك قرئ بنصب الليل، ورفع النهار، وقال النسفي: يلحق الليل بالنهار، والنهار بالليل، وقرئ بتشديد الشين، وزيد بعد ذلك في الآية رقم [٥٣] من سورة (الأعراف) هذه الجملة:

{يَطْلُبُهُ حَثِيثاً} أي: يعقب كل منهما الآخر كالطالب له، لا يفصل بينهما شيء، وانظر شرح الليل والنهار في الآية رقم [٦٧] من سورة (يونس) عليه السّلام، {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ..}. إلخ: أي:

لدلالات واضحة على قدرة الله تعالى، وذلك {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} فيها، فإن تكونها وتخصصها بوجه دون وجه دليل قاطع، وبرهان ساطع على وجود صانع حكيم دبّر أمرها، وهيّأ أسبابها.

هذا؛ والفكر: تصرف القلب في طلب الأشياء، وقال صاحب المفردات: الفكر: قوة مطرقة للعلم إلى المعلوم، والتفكر جريان تلك القوة بحسب نظر العقل، وذلك للإنسان دون الحيوان، ولا يقال إلا فيما يمكن أن يكون له صورة في القلب، ولهذا روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«تفكّروا في آلاء الله، ولا تفكّروا في الله، فإنّه لا تحيط به الفكرة». إذ الله منزه أن يوصف بصورة. انتهى. خازن بتصرف كبير.

الإعراب: {وَهُوَ الَّذِي}: مبتدأ وخبر، وجملة: {مَدَّ الْأَرْضَ} صلة الموصول لا محل لها، وجملة: {وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ} معطوفة عليها لا محل لها مثلها. (أنهارا): معطوف على ما قبله،

<<  <  ج: ص:  >  >>