الواحد: فوج، وهذا اسم جمع لا واحد له من لفظه، مثل: قوم، ورهط، ومعشر... إلخ، وجمعه أفواج، وفؤوج. وجمع الجمع: أفاوج، وأفاييج، وأفاويج، والثلاثة بصيغة منتهى الجموع.
هذا؛ وروي من حديث معاذ بن جبل-رضي الله عنه-قال: قلت: يا رسول الله! أرأيت قول الله عز وجل: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً؟!} فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يا معاذ! لقد سألت عن أمر عظيم». ثم أرسل عينيه باكيا، ثم قال: «يحشر عشرة أصناف من أمتي أشتاتا، قد ميزهم الله تعالى من جماعات المسلمين، وبدّل صورهم، فمنهم على صورة القردة، وبعضهم على صورة الخنازير، وبعضهم منكّسون، أرجلهم أعلاهم، ووجوههم يسحبون عليها، وبعضهم عمي يترددون، وبعضهم صمّ بكم لا يعقلون، وبعضهم يمضغون ألسنتهم، فهي مدلاّة على صدورهم، يسيل القيح من أفواههم لعابا، يتقذرهم أهل الجمع، وبعضهم مقطّعة أيديهم، وأرجلهم، وبعضهم مصلّبون على جذوع من النار، وبعضهم أشدّ نتنا من الجيف، وبعضهم يلبسون جلابيب سابغة من القطران، لاصقة بجلودهم. فأما الذين على صورة القردة؛ فالقتّات من الناس (النّمام). وأما الذين على صورة الخنازير؛ فأهل السحت، والحرام، والمكس. وأمّا المنكّسون رؤوسهم، ووجوههم؛ فأكلة الرّبا، وأما العمي؛ فالذين يجورون في الحكم. وأما الصمّ، البكم؛ فالذين يعجبون بأعمالهم. وأما الذين يمضغون ألسنتهم؛ فالعلماء، والقصّاص الذين يخالف قولهم فعلهم. وأما المقطّعة أيديهم، وأرجلهم؛ فالذين يؤذون الجيران. وأما المصلبون على جذوع من النار؛ فالسعاة بالناس إلى السلطان. وأمّا الذين هم أشدّ نتنا من الجيف؛ فالذين يتمتعون بالشهوات، واللذات (المحرمات) ويمنعون حقّ الله في أموالهم. وأما الذين يلبسون الجلابيب؛ فأهل الكبر، والفخر، والخيلاء». انتهى قرطبي وكشاف.
{وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً} أي: فتحت لنزول الملائكة، كما قال تعالى في سورة (الفرقان) رقم [٢٥]: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً} وقيل: تقطعت، فكانت قطعا كالأبواب.
وانظر قوله تعالى في سورة (المرسلات): {وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ} فهو جيد. {وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً} أي: لا شيء، كما أن السراب كذلك، يظنه الرائي ماء، وليس بماء. وقيل:(سيرت) نسفت من أصولها. وقيل: أزيلت من مواضعها. وقال تعالى في سورة (طه): {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً (١٠٥) فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً} فالآية فيها تشبيه بليغ.
هذا؛ ويقال: إن الله تعالى وصف الجبال يوم القيامة بصفات مختلفة، ترجع كلها إلى تفريغ الأرض منها، وإبراز ما تواريه، فأول الصفات: الاندكاك، وذلك قبل الزلزلة. قال تعالى في سورة (الفجر): {كَلاّ إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا،} ثم تصير كالعهن المنفوش، وذلك إذا صارت السماء كالمهل، وقد جمع بينهما في سورة (المعارج) حيث قال تعالى: {يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ (٨) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ}. والحالة الثالثة أن تصير كالهباء، وذلك أن تتقطع بعد أن كانت كالعهن. قال تعالى