للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبيل إلى الجنة؛ حتى يقطع النار. وتوضيح هذا؛ وشرحه: أن الصراط يوضع على متن جهنم، ويمر عليه الأولون، والآخرون، والأنبياء، والمرسلون. وهذا فحوى قوله تعالى في سورة رقم [٧١] (مريم) على نبينا، وعليها ألف صلاة، وألف سلام: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا}. انظر شرحها هناك. وقال الحسن وقتادة: لا يدخل أحد الجنة؛ حتى يجتاز النار، فإن كان معه جواز؛ نجا، وإلا؛ احتبس.

وروي عن ابن عباس-رضي الله عنهما-أن على جسر جهنم (الصراط) سبع محابس، يسأل العبد عند أولها عن شهادة أن لا إله إلاّ الله، فإن جاء بها تامة؛ جاز إلى الثاني، فيسأل عن الصلوات الخمس، فإن جاء بها تامة؛ جاز إلى الثالث، فيسأل عن الزكاة؛ فإن جاء بها تامة؛ جاز إلى الرابع، فيسأل عن الصوم، فإن جاء به تاما جاز إلى الخامس، فيسأل عن الحج، فإن جاء به تاما جاز إلى السادس، فيسأل عن العمرة، فإن جاء بها تامة؛ جاز إلى السابع، فيسأل عن المظالم، فإن خرج منها، وإلا؛ يقال: انظروا، فإن كان له تطوع؛ أكملت به أعماله، فإذا فرغ؛ انطلق به إلى الجنة. انتهى خازن. هذا؛ وإكمال نقص الفرائض من التطوع جاء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم فخذه بحروفه فيما يلي:

فعن أنس بن مالك-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ أول ما افترض الله على الناس من دينهم الصلاة، وآخر ما يبقى الصلاة، وأوّل ما يحاسب به العبد الصلاة، فيقول الله:

انظروا في صلاة عبدي، فإن كانت تامّة؛ كتبت تامّة، وإن كانت ناقصة؛ قال: انظروا؛ هل لعبدي من تطوّع؟ فإن وجد له تطوّع؛ تمّت الفريضة من التطوع، ثم يقول: انظروا هل زكاته تامة؟ فإن كانت تامّة؛ كتبت تامة، وإن كانت ناقصة؛ قال: انظروا هل له صدقة؟ فإن كانت له صدقة؛ تمّت له زكاته؟». رواه أبو يعلى.

وأقول: ويمكن قياس الحج، والصوم على ما ذكر في الحديث من الصلاة، والزكاة. والله أعلم، وأجل، وأكرم.

{لِلطّاغِينَ مَآباً:} مرجعا يرجعون إليها، ومنزلا، ومأوى يستقرون بها. وانظر «الطغيان» في سورة (النازعات). {لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً} أي: مقيمين في جهنم ما دامت الأحقاب، وهي لا تنقطع. فكلما مضى حقب؛ جاء حقب، والحقب بضمتين: الدهر، والأحقاب: الدهور.

والحقبة بالكسر: السنة، والجمع: حقب. قال متمم بن نويرة في رثاء أخيه مالك-وهو الشاهد رقم [٣٨٤] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [الطويل]

وكنّا كندماني جذيمة حقبة... من الدّهر حتى قيل لن يتصدعا

فلمّا تفرقنا كأنّي ومالكا... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا

<<  <  ج: ص:  >  >>