{إِلاّ مَنْ شاءَ اللهُ:} روى أبو هريرة-رضي الله عنه-: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم، سئل عن قوله تعالى {إِلاّ مَنْ شاءَ اللهُ}. قال:«هم الشهداء متقلّدون أسيافهم حول العرش». وقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: هم الشهداء؛ لأنهم أحياء عند ربهم، لا يصل إليهم الفزع. وقيل: يعني:
جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وعزرائيل، فلا يبقى بعد النفخة الأولى إلا هؤلاء الأربعة.
ويروى: أن الله تعالى يقول لملك الموت: خذ نفس إسرافيل، فيأخذ نفسه، ثم يقول: من بقي يا ملك الموت؟ فيقول: سبحانك ربي، تباركت، وتعاليت يا ذا الجلال، والإكرام، بقي وجهك الباقي الدائم، وبقي جبريل وميكائيل، وملك الموت. فيقول: خذ نفس ميكائيل، فيقع كالطود العظيم، فيقول: من بقي من خلقي؟ فيقول: سبحانك ربي، تباركت، وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام! بقي وجهك الدائم الباقي، وجبريل الميت الفاني. فيقول الله: يا جبريل لا بد من موتك، فيقع ساجدا يخفق بجناحيه.
ويروى: أنه يبقى مع هؤلاء الأربعة حملة العرش، فيقبض روح جبريل، ثم ميكائيل، ثم إسرافيل، ثم أرواح حملة العرش، ثم روح ملك الموت، فإذا لم يبق أحد إلا الله تبارك وتعالى طوى السماء كطي السجل للكتاب، ثم يقول: أنا الجبار، لمن الملك اليوم؟ فلا يجيبه أحد، فيقول: لله الواحد القهار!.
فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «ينفخ في الصّور، فيصعق من في السّموات ومن في الأرض إلاّ من شاء الله، ثمّ ينفخ فيه أخرى، فأكون أوّل من رفع رأسه، فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أكان ممّن استثنى الله عزّ وجلّ، أم رفع رأسه قبلي، ومن قال: أنا خير من يونس بن متّى فقد كذب». وقيل الذين استثنى الله هم: رضوان، والحور العين، ومالك، والزبانية. انتهى. خازن. وأقول: الله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
{وَكُلٌّ} أي: وكل المخلوقات الذين أحيوا بعد النفخة الثانية، وسواء الذين ماتوا بالنفخة الأولى، ومن مات من آلاف السنين. {أَتَوْهُ:} جاؤوا، ووقفوا بين يديه جلّت قدرته، وتعالت حكمته. وقرئ: «(أتاه)» بالإفراد حملا على لفظ كل، وقرئ: «(آتوه)» على أنه جمع اسم فاعل:
الإعراب:{وَيَوْمَ:} الواو: حرف عطف. (يوم): معطوف على (يوم نحشر) وقبله فعل مقدر مثله. {يُنْفَخُ:} فعل مضارع مبني للمجهول. {فِي الصُّورِ:} جار ومجرور في محل رفع نائب فاعل، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (يوم) إليها. {فَفَزِعَ:} الفاء: حرف عطف وسبب.
(فزع): فعل ماض، {مَنْ:} اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعله، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، فهي في محل جر مثلها. {فِي السَّماواتِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صلة الموصول. {وَمَنْ:} الواو: حرف عطف. {مَنْ:} معطوفة على ما قبلها، فهي