انقبضت. وقال قتادة: نفرت، واستكبرت، وكفرت، كما قال تعالى:{إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ} رقم [٣٥] من سورة (الصافات). هذا؛ وأصل الاشمئزاز النفور، والازورار. قال عمرو بن كلثوم في معلقته رقم [٦٠] و [٦١]: [الوافر]
فإنّ قناتنا يا عمرو أعيت... على الأعداء قبلك أن تلينا
إذا عضّ الثّقاف بها اشمأزّت... وولّتهم عشوزنة زبونا
يفرحون، ويظهر البشر، والسرور على وجوههم لفرط افتتانهم بها، ونسيان حق الله عليهم، ولقد بالغ في الأمرين؛ حتى بلغ الغاية فيهما، فإن الاستبشار: أن يمتلئ قلبه سرورا؛ حتى تنبسط له بشرة وجهه، والاشمئزاز: أن يمتلئ غما؛ حتى ينقبض أديم وجهه، انتهى. بيضاوي. هذا؛ وقال القرطبي في قوله تعالى:{وَإِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} يعني: الأوثان، حين ألقى الشيطان في أمنية النبي صلّى الله عليه وسلّم عند قراءته سورة (النجم): «تلك الغرانيق العلا...» إلخ قاله جماعة من المفسرين. هذا؛ ولقد بينات في سورة (الحج) رقم [٥١] بطلان هذه الحكاية، والله الموفق، والمعين، وبه أستعين. هذا؛ وقال تعالى في سورة (غافر) رقم [١٢]: {ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا} وفي الآية الكريمة من المقابلة الرائعة ما لا يخفى؛ حيث قابل بين الله، والأصنام، وبين السرور، والاشمئزاز، والمقابلة أن يؤتى بمعنيين، أو أكثر، ثم يؤتى بما يقابل ذلك على الترتيب، وهو من المحسنات البديعية.
الإعراب:{وَإِذا:} الواو: حرف استئناف، وقيل: عاطفة. وفيه ضعف. (إذا): ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك، مبني على السكون في محل نصب. {ذُكِرَ:} فعل ماض مبني للمجهول. {اللهُ:} نائب فاعله، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (إذا) إليها. {وَحْدَهُ:} قال القرطبي: نصب على المصدر عند الخليل، وسيبويه، وعلى الحال عند يونس. انتهى. أقول: وهو المعتمد، وهو مؤول ب:«منفردا» كما هو مقرر في كتب النحو. {اِشْمَأَزَّتْ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث حرف لا محل له. {قُلُوبُ:}
فاعله، وهو مضاف، و {الَّذِينَ} اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالإضافة. وجملة:
{لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} صلة الموصول لا محل لها، وجملة:{اِشْمَأَزَّتْ..}. إلخ جواب:(إذا) لا محل لها، و (إذا) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له. (إذا): مثل سابقتها. {ذُكِرَ:} فعل ماض مبني للمجهول. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع نائب فاعله. {مِنْ دُونِهِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صلة الموصول، والهاء في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة {إِذا} إليها. {إِذا:} كلمة دالة على المفاجأة واقعة في جواب {إِذا} الشرطية، وانظر الآية رقم [٢٩] من سورة (يس)، فالبحث فيها واف كاف.