للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيعود الجسد حيا بإذن الله تعالى. انتهى. جمل نقلا عن الخطيب. وأنا أؤمن بهذا. هذا؛ وقد دلت آية (الزمر) رقم [٦٨] على أن النفخة اثنتان: الأولى للموت، والثانية للبعث والنشور. قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ} والجمهور على أنها ثلاث: الأولى: للفزع، كما قال تعالى في سورة (النمل) الآية [٨٧]: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ..}. إلخ. والثانية: للموت، والثالثة: للإعادة، وبين الثانية، والثالثة أربعون سنة على الصحيح. فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما بين النفختين أربعون». قالوا: أربعون يوما؟ قال أبو هريرة: أبيت، قالوا: أربعون شهرا؟ قال أبو هريرة: أبيت. قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت. «ثم ينزل الله من السماء ماء، فينبتون كما ينبت البقل، وليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظم واحد، وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة». متفق عليه. وينبغي أن تعلم: أن الذي ينفخ في الصور، إنما هو إسرافيل-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-أحد الملائكة العشرة المقربين، وهو ينفخ نفختين بينهما أربعون عاما على الصحيح... إلخ.

{وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ:} ورفعت الأرض من جميع جهاتها بمجرد القدرة الكاملة، أو بتوسط زلزلة، أو بريح عاصفة. {فَدُكَّتا:} فدكت الجملتان: جملة الأرضين، وجملة الجبال، فضرب بعضها ببعض؛ حتى تندق، وترجع كثيبا مهيلا، وهباء منبثا، قال تعالى في سورة (المزمل):

{يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً} رقم [١٤]، وقال تعالى في سورة (الواقعة): {إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤) وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (٥) فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا}. وقيل: المعنى بسطت الأرض، والجبال بسطة واحدة، فصارتا أرضا، لا ترى فيها عوجا، ولا أمتا. وألف الاثنين عائدة إلى الأرض، والجبال. هذا؛ وفي المختار: الدك الدق، وقد دكه، إذا ضربه وكسره، وسواه بالأرض، وبابه ردّ، ومنه قوله تعالى: {فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً}. قال الأخفش: هي أرض دك، والجمع: دكوك، قال الله تعالى في سورة (الأعراف) رقم [١٤٣]: {جَعَلَهُ دَكًّا} قال:

ويحتمل أن يكون مصدرا، كأنه قال: دكه دكا، أو أراد: جعله ذا دك، فحذف ذا، وقرئ «(دكاء)» بالمد، أي: جعله أرضا دكاء، فحذف الأرض، لأن الجبل مذكر، فلا لبس. انتهى. بتصرف.

هذا؛ وخذ قوله تعالى في سورة (الفجر) رقم [٢١]: {كَلاّ إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا} وهذا يعني:

أن الأرض يبدل شكلها، وهيئتها، كما قال تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ} رقم [٤٨] من سورة (إبراهيم).

الإعراب: {فَإِذا:} (الفاء): حرف استئناف. (إذا): ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه، صالح لغير ذلك، مبني على السكون في محل نصب. {نُفِخَ:} فعل ماض مبني للمجهول. {فِي الصُّورِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {نَفْخَةٌ:} نائب فاعل {نُفِخَ،}

<<  <  ج: ص:  >  >>